أخبار اقتصادية- عالمية

معركة اقتصادية قاسية للصين .. ديونها تلامس 300 % من إجمالي الناتج

 معركة اقتصادية قاسية للصين .. ديونها تلامس 300 % من إجمالي الناتج

تستعد الصين في الوقت الراهن لخوض "معركة اقتصادية قاسية مقبلة" بحسب تعبير لي كيشيانج رئيس وزرائها.
فالاقتصاد الصيني يخوض الآن حربا على جبهتين، الأولى تتمثل في الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي يطالب بخفض الدعم للشركات الحكومية، وإلا سيتم فرض رسوم عقابية على هذه الشركات، والثانية تتمثل في مساعدة الشركات الصينية الخاصة المتعثرة دون استمرار ارتفاع معدلات الدين التي وصلت إلى مستويات غير مقبولة.
وبحسب "الألمانية"، عرضت الحكومة الصينية في مستهل الاجتماعات السنوية لمؤتمر نواب الشعب الصيني "البرلمان" خطة مواجهة هذه التحديات، حيث منح رئيس الوزراء نفسه والرئيس الصيني شي جين بينج مساحة للمناورة من خلال تقليص معدل النمو الاقتصادي المستهدف للعام الحالي إلى ما بين 6 و6.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو أقل معدل نمو للاقتصاد الصيني منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وأشارت وكالة "بلومبيرج" للأنباء إلى أن المحللين الاقتصاديين رحبوا بخفض الحكومة الصينية معدل النمو الاقتصادي المستهدف، لأنهم حذروا من أن أي محاولة لزيادة معدل النمو عن هذه المستويات، كانت ستحتاج إلى إجراءات تحفيز مفرطة وتهدد الاستقرار المالي للصين على المدى الطويل.
وهناك أيضا تغيير مشجع، فمع مرور الأيام، كان صناع القرار في الصين سيواجهون مجموعة من التحديات الظاهرة الآن، وهي أنه مع الإنفاق الشامل السخي على مشاريع الطرق وخطوط السكك الحديدية وغيرها من مشاريع البنية التحتية العملاقة، يمكن فقط الوصول إلى معدل نمو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
لكن هذا ليس هو الواقع اليوم، فمع أنه ما زال هناك كثير من مشاريع الطرق والسكك الحديدية الكبرى رهن التنفيذ حاليا، فإن الحكومة قررت خفض كثير من الضرائب، وهو تطور إيجابي سيمنح الشركات الخاصة مساحة للحركة والتقاط الأنفاس حتى لو كانت النتيجة نموا أبطأ.
وأطلق رئيس الوزراء الصيني حزمة تخفيضات ضريبية بقيمة تريليون يوان تقريبا "298 مليار دولار"، وتعهد بمزيد من إجراءات تحفيز الاقتصاد خلال الفترة المقبلة.
ورغم أن هذا التركيز على السياسة المالية القوية يمكن أن يرى باعتباره تراجعا عن تعهدات العام الماضي بكبح جماح المخاطر المالية وتقليص الموازنة، فإن الهدف العام ما زال هو تعزيز نمو الاقتصاد بدون السماح بتسارع وتيرة نمو الديون مرة أخرى، وهذا التحرك المتوازن سيخضع للاختبار بشدة إذا ما ظهرت أي تهديدات جديدة للنمو الاقتصادي.
ونقلت "بلومبيرج" عن مايكل سبينسر المدير العالمي لوحدة الدراسات الاقتصادية في فرع مجموعة "دويتشه بنك" المصرفية الألمانية في هونج كونج قوله "إن التحرك الحكومي الأخير يمثل دفعة مالية كبرى.. فهناك تردد في اللجوء مجددا إلى إقامة مشاريع بنية تحتية لتعزيز النمو الاقتصادي إذا لم تكن هناك حاجة إلى هذه المشاريع".
وحذر رئيس الوزراء الصيني من أن بلاده تواجه خلال العام الحالي ظروفا أصعب وأشد تعقيدا، ويحاول لي كيشيانج تنشيط الإقراض للقطاع الخاص، في الوقت الذي يدرك فيه أن إجمالي الديون في الصين يقترب من 300 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مشددا على أن "الصين يجب أن تستعد تماما لخوض كفاح قاس في مواجهة الظروف الاقتصادية الراهنة".
ولا تعد المشكلة الاقتصادية في الصين شأنا محليا فقط، فمع تباطؤ وتيرة النمو الأوروبي والشكوك التي تحيط باستمرار النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، فإن اشتداد حدة تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني سيكون نبأ سيئا للاقتصاد العالمي، ويشيع الاضطراب في الاقتصادات الآسيوية التي اندمجت في سلسلة الإمدادات المرتبطة بالصين.
وحتى الآن، يركز صناع السياسة الاقتصادية في الصين على إدارة الانخفاض طويل المدى لمعدل نمو الاقتصاد الصيني من 10 في المائة أوائل الألفية الثالثة إلى نحو 6.5 في المائة العام الماضي. ويتوقع محللون استطلعت وكالة "بلومبيرج"، أراءهم نمو الاقتصاد الصيني بمعدل 6.2 في المائة مقابل 6.6 في المائة العام الماضي قبل أن يتباطأ بصورة أكبر في عامي 2020 و2021.
وخفضت بكين ضريبة القيمة المضافة التي تشمل قطاع الصناعات التحويلية بمقدار ثلاث نقاط مئوية، كجزء من إجراءات تستهدف دعم الاقتصاد الصيني المتباطئ.
وبحسب بنك "مورجان ستانلي"، فإن خفض ضريبة القيمة المضافة بمقدار ثلاث نقاط مئوية يهدف إلى إفادة قطاع الصناعات التحويلية.
كما خفضت الصين شريحة ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ 10 في المائة بمقدار نقطة مئوية واحدة، ليصل إجمالي ما ستوفره تخفيضات ضريبة القيمة المضافة للمستهلكين والشركات الصينية إلى 800 مليار يوان، بحسب تقديرات "مورجان ستانلي".
في الوقت نفسه تستهدف الحكومة الصينية خفض عجز موازنة العام الحالي إلى 2.8 في المائةمن الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2.6 في المائة العام الماضي.
وتعهدت الحكومة في تقريرها الذي قدمته أمام مؤتمر نواب الشعب الصيني بخفض الأعباء الضريبية عن الصناعات الرئيسة في البلاد.
ورغم التخفيضات الضريبية، أشار تقرير رئيس الوزراء إلى استمرار استقرار معدل الكفاية المالية خلال العام الحالي، وهذا الأمر قد يكون هدفا صعبا.
وتعتقد بولين لونج المدير الإداري لشركة "آسيا - آنالاتيكا" للاستشارات، في هونج كونج أن الرسالة الصادرة عن اجتماعات البرلمان الصيني، هي أن تعزيز النمو الاقتصادي، قاعدة جديدة، وأن تخفيض حجم الديون "خارج النطاق بالتأكيد".
وفي كانون الثاني (يناير) الماضي قفزت قروض المصارف في الصين إلى مستوى قياسي جديد، وارتفعت التمويلات غير المصرفية خلال أول 11 شهرا من العام الماضي، فيما حذر رئيس الوزراء الصيني، من أن القروض قصيرة الأجل تتزايد بسرعة مفرطة.
وعلى خلاف السنوات السابقة، لا توجد مستهدفات لمعدل نمو مبيعات التجزئة ولا الاستثمار في الأصول الثابتة في الصين خلال العام الحالي.
وبحسب التقرير الحكومي، ستظل السياسة النقدية "عقلانية" في حين ستكون السياسة المالية "استباقية وأكثر فاعلية"، وسيتم خفض الاحتياطيات الإلزامية للمصارف الصغيرة في الصين مجددا.
ويتزامن ذلك مع اقتراب توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق تجاري يمكن أن يؤدي إلى إلغاء أغلب الرسوم الأمريكية أو كلها على المنتجات الصينية، مع التزام بكين بتنفيذ تعهداتها التي تراوح بين تحسين حماية حقوق الملكية الفكرية وشراء كميات كبيرة من المنتجات الأمريكية.
وسيؤدي هذا الاتفاق إلى تبديد واحدة من أصعب السحب التي تخيم على الاقتصاد الصيني، وتجعل الرئيس الصيني أقل احتياجا إللجوء إلى إجراءات تحفيز الاقتصاد لدعم النمو.
ويرى ليو ليجانج كبير مختصي الاقتصاد الصيني في فرع مجموعة "سيتي جروب" المصرفية الأمريكية في هونج كونج، أن تحديد المعدل المستهدف للنمو بما يراوح بين 6 و6.5 في المائة خلال العام الحالي، يشير إلى أن الحكومة لا تريد إطلاق حزم تحفيز اقتصادي كبيرة متكررة، حتى مع تزايد الغموض الناجم عن التطورات الخارجية مثل زيادة الرسوم الأمريكية على المنتجات الصينية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية