Author

اقتصاد الصين وتأثيره في السعودية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


اقتصاد الصين وللسنة الثالثة يتصدر المشهد الاقتصادي العالمي كأكبر اقتصاد على التوالي بحسب الناتج المحلي الإجمالي وفق تعادل القوة الشرائية GDP-PPP أو يمكن القول وفق القوة الشرائية الحقيقية للعملة، يعد هذا المؤشر أهم المؤشرات لدى المنظمات المعنية بتصميم السياسات والتوقعات الاقتصادية؛ للتعرف على الوضع الحقيقي لاقتصادات الدول، كما أن هذا المؤشر يكشف لنا العملات المسعرة بأقل أو بأعلى من قيمتها الحقيقية.
بالعودة إلى الاقتصاد الصيني كان حجم إنتاجه 25.2 تريليون دولار في عام 2018 وفق تعادل القوة الشرائية (purchasing power parity) والاتحاد الأوروبي ثانيا بإنتاج يفوق 21.9 تريليون دولار وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية ثالثا بحجم إنتاج 20.4 تريليون دولار للعام نفسه، ورغم ذلك هناك أربعة اقتصادات ناشئة في طريق التقدم على الاقتصادات المتقدمة وفق جميع المؤشرات والحسابات وهي الصين أولا، ثم الهند وروسيا والبرازيل.
استمرار الاقتصاد الصيني في تحقيق معدلات نمو لفترات طويلة يجعله جاذبا لمزيد من الثروات حول العالم عن طريق التجارة والاستثمار، إضافة إلى أن الصين تطبق مجموعة من السياسات التراتبية في الاستحواذ أو السيطرة على أصول إنتاجية وعلى أراض زراعية كضمانات في مقابل الديون أو النفط مقابل الاستثمار في الدول الإفريقية؛ وهذا يجعل الصين تواصل نفوذها الاقتصادي بشكل أفقي ورأسي.
تنفق الصين 9 في المائة من الناتج المحلي على البنية التحتية وسكك الحديد فائقة السرعة، وتعمل بشكل متواصل على زيادة معدلات الاستهلاك الداخلي والتشجيع على قيام مشاريع صناعية؛ بهدف أن يكون الاقتصاد الصيني رائدا في التعدين وصناعة الحديد والصلب والألمنيوم والصناعات الثقيلة والطاقة الكهربائية؛ جميع تلك الصناعات تتطلب مزيدا من الطاقة؛ لذا تنامي الطلب وزيادة عدد المصافي يجعلنا كسعوديين من أهم الموردين للنفط والبتروكيماويات للاقتصاد الصيني الذي يستهلك يوميا تسعة ملايين برميل كثاني أكبر مستورد للنفط عالميا.
تأتي أهمية زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى بكين؛ لتحقيق مكاسب جديدة للاقتصاد السعودي عن طريق عقد شراكات استراتيجية طويلة الأمد مدعومة بزيادة القيمة المضافة للنفط الخام السعودي في الدول المستوردة مثل الهند والصين؛ ما سيجعل ارتفاع صادرات النفط السعودي اليومية 1.7 برميل إلى الصين أمرا واردا خلال عام 2019 أو منتصف 2020 على أقصى تقدير، ثم إن الاتفاقيات التي تعقدها "أرامكو" مع الشركات الصينية ستسهم في تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستدامة التجارية والاستثمارية بين البلدين ولا سيما أن الولايات المتحدة وروسيا من أهم المنافسين لنا داخل السوق الصينية كموردين للطاقة.
مستقبل الاقتصاد السعودي مرتبط بالدول التي تحقق نموا اقتصاديا والعمل مع الصينين يشكل أهمية استراتيجية لتحقيق كثير من أهداف الرؤية التنفيذية في الجانب الاقتصادي والفني والتقني، إضافة إلى أن الاقتصاد الصيني سيكون مؤثرا في عوائدنا النفطية وسنداتنا الأمريكية إذا ما تراجع لأي سبب.

إنشرها