Author

التجارة الخارجية في مسار «رؤية المملكة»

|


القفزة الكبيرة جدا في فائض الميزان التجاري السعودي، جاءت تماما في الأسس التي يسير عليها الاقتصاد الوطني، وهي نتاج مسيرة تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، التي أزالت كثيرا من المعوقات، ومهدت الطريق أمام التطوير في كل القطاعات الوطنية. والتجارة الخارجية للسعودية تمثل حجر الزاوية للتنمية ولاستكمال مسيرة البناء الاقتصادي التي تنتهي عمليا مع تنفيذ آخر بند من "رؤية المملكة". هذه المسيرة تمضي بوتيرة قوية وسريعة أيضا، إلى درجة أن بعض مشاريعها استكملت أداوتها قبل مواعيدها المحددة، فضلا عن أنها متجددة بما يرفد الاستراتيجية الاقتصادية في البلاد بمزيد من قوة الدفع. ومن هنا، فإن المملكة بقفزة الفائض التجاري، تجني عوائد ليست مالية فحسب، بل استراتيجية أيضا.
مما هو لافت في الأرقام الأخيرة أن الصادرات غير النفطية السعودية ارتفعت بصورة لافتة، وهذا أيضا إنجاز مهم على اعتبار أن المملكة ماضية ضمن استراتيجيتها في مسار صحي للتنوع الاقتصادي. فنحن نعلم أن حصة هذا القطاع في الناتج المحلي تتعاظم، وباتت حاضرة ضمن الأطر العملية للموازنات السنوية العامة. كما أن هذا الارتفاع في القطاع غير النفطي، يفتح آفاقا جديدة، ويجدد أخرى موجودة على الساحة. ومن هنا، فالمرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الحضور للتجارة غير النفطية على الساحة، وبالتالي تعاظم المساهمة في الاقتصاد الوطني. وللتجارة غير النفطية، أهمية كبيرة تشمل أيضا رمزية التحول الذي تشهده البلاد، التي فتحت الأبواب لكل ما يعزز هذا البناء الاقتصادي التاريخي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد.
في 11 شهرا ارتفعت التجارة الخارجية السعودية بنسبة 26 في المائة، أو ما يعادل 310 مليارات ريال. ففي أقل من عام ارتفع المجموع الكلي لهذه التجارة من 1.18 تريليون ريال إلى 1.49 تريليون ريال. الفارق كبير بالفعل، وهو مؤشر على صحة المسيرة الاقتصادية بشكل عام. ويبدو واضحا من خلال المسار التصاعدي للتجارة الخارجية السعودية، أنه يسير نحو مزيد من القوة في السنوات القليلة المقبلة. خصوصا إذا ما قارنا مستويات هذا المسار في الأعوام القليلة الماضية. وقد أسهم ارتفاع أسعار النفط في دعم الميزان التجاري السعودي، إلا أن القوة التي يتمتع بها كانت هي أيضا الأداة الدافعة. وتكفي الإشارة هنا إلى أن القفزة في فائض الميزان التجاري بلغت 100 في المائة. إنها كبيرة بالفعل.
ولعل من المؤشرات الإيجابية أيضا في هذا النطاق، أن الواردات ارتفعت بشكل طفيف ولم تتعد 3 في المائة في أقل من عام، ما يؤكد مجددا صحة المسار في التجارة الخارجية للبلاد. ويتوقع المراقبون أن تتواصل هذه المؤشرات في السنوات المقبلة. وهذا كله يصب في الإطار العام لـ "رؤية المملكة" التي تحدد في الواقع المسار العام للاقتصاد الوطني. لكن في النهاية يبقى ارتفاع الصادرات المؤشر الأهم في هذا الوقت بالذات، خصوصا أنه تضاعف تقريبا بعد أن وصل إلى 1.03 تريليون ريال في الـ 11 شهرا الأولى من العام الماضي، مرتفعا من 731.6 تريليون ريال سجلها في الفترة نفسها من عام 2017. إنها فروق إيجابية كبيرة، تتمتع بساحة اقتصادية صحية. كل المؤشرات الاقتصادية السعودية بلغت مستويات جيدة على مختلف الأصعدة. والميزان التجاري للمملكة سيواصل دعمه المطلوب للحراك الاقتصادي العالمي، في ظل استدامة حاضرة بشكل دائم على الساحة.

إنشرها