Author

تلاشي الخصوصية

|

نعيش فترة تاريخية خطيرة، حيث تتكون الحياة من مجموعة من التحديات التي قد لا يكون أغلبنا مستعدا للتعامل معها، ذلك أن التحديات تتعاظم مع التطور الحاصل في التقنية وسيطرة ذلك التطور على كل ما حولنا. تغيرت مفاهيم الناس, وأصبح كل ما يحدث حولنا مسجلا بشكل لا يمكن أن يتهرب الواحد منه أو يرفضه أو يتحدى من ينشره.
هنا يتوقف كثير من المحاولات التي تجعلنا في مواقف أفضل مما يمكن أن نكون عليه، في عالم كان في السابق يسمح لكل واحد بأن يظهر بالطريقة التي تناسبه، وتستر عيوبه بالظهور على مسرح الحياة بمظهر يخالف جوهره. هنا تتجسد أهمية الصدق في التعامل مع الناس والنفس قبل كل شيء، ثم التعبير عن الواقع بما يضمن أن نتحول لمجتمعات صادقة مع الذات والآخر.
عدم تعودنا على المفاهيم الحديثة يترك ثغرات كثيرة يمكن من خلالها أن نفقد أشياء كنا نمتلكها مثل الوقار والاحترام المجتمعي الذي بنيناه بجهود التعامل مع الآخرين بطرق تضمن لنا استمرار ذلك الاحترام. يأتي في السياق النظر المنطقي لما نفعله، ما يؤثر في العلاقات الاجتماعية أو يثير حفيظة الآخرين سواء كان من قبيل الاستهانة بأشخاص أو أفعال أو محاولة كشف أحوال آخرين ممن يحاولون أن يستروا على أنفسهم, بطريقة لا ترضيهم.
تقع هذه الإشكالية مع كثيرين ممن لا يراعون مشاعر الآخرين ولا يتوقفون للتفكير في آثار ما يفعلون في غيرهم، ومن هنا تظهر مخالفات وتتعامل معها الجهات المختصة بقوة في محاولة لضمان حرية وأمن وخصوصية الناس. كثير من المخالفات يقع من أشخاص لا يعرفون مدى تأثير ما ينشرونه من مقاطع في غيرهم، وهم بهذا يصبحون مثالا للآخرين في تراكمية تكوين البيئة والمفاهيم الجديدة التي تبنى على التقنية وتستفيد منها دون أن تسيء إلى الآخرين أو تستخدم الوسيلة في عمليات فضائحية لا يقبلها أحد على نفسه أو من يحب.
كل من يعتبر مما نشاهده من العقوبات يعلم أن الحرص وترك البحث عن السبق سيحمي نفسه من الخطر. يؤدي الاهتمام بهذه النقاط بالذات إلى تكوين بيئة مختلفة وبناء معايير جديدة للتعامل بين الناس قوامها التوجه نحو الصدق في التعامل والسلوك واحترام المسافات بين النفس والآخر واحترام الخصوصية والتفكير الجاد قبل التسرع بعرض مقطع أو نشر معلومة.

إنشرها