Author

المزارع العامودية الداخلية

|


مع تقدم التقنية الهائل الحاصل اليوم فإن المزارع هي الأخرى ينالها نصيب من التقدم. حيث تقوم الشركات المهتمة بالزراعة الداخلية بإنشاء ما تصفه بـ"المزرعة الداخلية العامودية التجارية الأكثر تطورا في العالم". ويمكن أن يزرع بها أكثر من 100 نوع من الأعشاب والخضراوات المورقة.
وتعتمد هذه الشركات على التقنية لإنجاز هذه المهمة التي تتمثل في زراعة ما تصفه بأنه منتجات ما بعد العضوية. وتسيطر الشركة على عملية النمو بأكملها داخل المباني دون استخدام مبيدات، مع الاعتماد على نظام الشركة التقني المتكامل لتوليد ظروف مثالية للنمو. ويذكر أن هذه المزارع الجديدة ستكون "المزارع الأوتوماتيكية الأدق تحكما على الإطلاق". وتصف طريقتها المبتكرة بأنها الزراعة الدقيقة التي تتم خلالها مراقبة النمو بدقة وجمع كمية هائلة من البيانات حتى يمكن إعطاء النباتات ما تحتاج إليه بالضبط من حيث الضوء والمغذيات والمياه النقية. وتسمح التحليلات المتطورة للشركة بحصاد المحاصيل عندما تكون النكهة في أفضل حالاتها.
وتزرع المنتجات بكمية أقل من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية، كما أن دورات المحاصيل تكون أسرع مرتين وفقا للشركة. ومن أهداف الشركة زراعة الطعام بالقرب من الأشخاص الذين سيأكلونه حتى يتمكنوا من توصيله إلى المتاجر أو المطاعم في غضون يوم واحد من الحصاد. وهذا يختلف عن المنتجات المزروعة بالطريقة التقليدية التي يمكن أن تستغرق أسابيع حتى تصل إلى المتاجر. وأيضا بإمكانها تقديم الخضراوات بأسعار تنافسية لأنها تمتلك العملية كلها من البذور وصولا إلى المتاجر.
وهناك شركات كثيرة في الولايات المتحدة تتبع الزراعة الداخلية العامودية التي تعتمد على التقنية، مثل "باوري وفارم ون ولوكال رووتس". وبما أن الطلب على الغذاء سيزيد بأكثر من 70 في المائة -وفقا لشركة باوري- لإطعام التسعة إلى عشرة مليارات شخص الذين سيشغلون كوكبنا بحلول عام 2050، فسيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما يمكن لهذه الشركات تحقيقه من خلال هذه المزارع الحديثة.
وليست زراعة المحاصيل في مناخ الخليج العربي القاسي بالأمر السهل، لكن المزارع العامودية الداخلية يمكن أن تقدم حلا للمعضلة. وقد أطلق مجلس التعاون الخليجي أخيرا أول مزرعة عامودية له في الإمارات تحت اسم «مزارع البادية»، وتستهلك هذه المزارع مياها أقل من الزراعة التقليدية بنسبة 90 في المائة، ما يجعلها نعمة حقيقية للمنطقة التي تعاني شح المياه.
وتسافر واردات الأغذية نحو ثلاثة آلاف ميل في المتوسط لتصل إلى أطباق المطاعم في دبي بحسب وكالة أنباء الإمارات. بينما يمكن لمزارع البادية أن تقدم منتجات ذات بصمة كربونية مخفضة إلى حد كبير بمزارعها المائية الداخلية. وفي هذه المزارع تنمو الخضراوات والخس والأعشاب دون أشعة الشمس أو التربة أو المبيدات الحشرية، حيث تنمو الخضراوات في قشور جوز الهند بدلا من ذلك. وحسب ما ذكرته صحيفة "ذا ناشيونال" فإن المنتجات تكون آمنة أكثر لأن عديدا من الأمراض التي تنقلها الأغذية تنبع من التراب. وتعد مزارع البادية أول مزرعة عامودية تجارية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وسميت مزارع البادية بذلك للدلالة على "الواحة" بحسب موقعها على الإنترنت. ويصف الموقع دبي بأنها "واحدة من أكثر مدن العالم ديناميكية لكنها من أكثرها مواجهة للتحديات الزراعية"، ويذكر الموقع أن مزارع البادية أول شركة تقدم الخضراوات للمطاعم في اليوم نفسه الذي يتم حصادها فيه. وقال عمر الجندي مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي: "أنشأنا مزارع البادية في الإمارات برؤية تستهدف توفير حل مستدام للطعام وتقليل اعتماد المنطقة على الواردات. حيث كانت زراعة المحاصيل في المنطقة تمثل تحديا دائما بسبب المناخ القاسي، وهنا تقدم مزارع البادية حلا قابلا للتطبيق، وهذه هي طريقتنا لخدمة الإمارات، وبدء موجة الزراعة الجديدة في دبي". وقد ذكرت وكالة أنباء الإمارات أن المزرعة الداخلية بدأت الإنتاج بالفعل في كانون الأول (ديسمبر) 2017.

إنشرها