Author

زيارات ولي العهد وبناء علاقات متينة في الشرق

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

زيارات مهمة نحو الشرق قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- تحمل مجموعة من الدلالات التي تؤكد عزم المملكة أن تكون قوة اقتصادية إقليمية، ومركز جذب للعالم في مختلف المجالات التنموية في ظل البرامج والمبادرات الخاصة بـ"رؤية المملكة 2030" التي ترتكز على أن تكون المملكة قوة اقتصادية إقليمية تعمل على تنويع مصادر الدخل باستغلال كثير من الميزات التي تتمتع بها باعتبار مكانتها في العالم الإسلامي وموقعها الجغرافي المميز، إضافة إلى طموح أبنائها.
زيارات ولي العهد اختارت بعناية باكستان والهند والصين باعتبار أن باكستان تعد أحد أهم الدول الإسلامية كما أن لديها طموحا عاليا لتحسين ظروفها الاقتصادية، حيث إن لديها مجتمعا يتمتع بمهارات عالية ويمكن له أن يعزز فرص استمرار النمو في البلاد إذا ما تحقق له -بإذن الله- الاستقرار والأمن، كما تتميز باكستان بإمكانات عسكرية هائلة ولها علاقات قديمة وتعاون وثيق مع المملكة في المجال العسكري، إضافة إلى العلاقات المتميزة في مجال القوى العاملة؛ إذ يتمتع الإخوة المقيمون من باكستان بفرص جيدة للكسب في المملكة، كما أن العلاقات الثقافية وثيقة بين المملكة وباكستان، وتم إعلان مجموعة من المشاريع التنموية بين البلدين، ما يعزز مكاسب المملكة الاقتصادية في باكستان.
أما فيما يتعلق بالهند والصين، فإن المؤشرات تدل على أنهما سيكونان في المستقبل أكبر كتلتين اقتصاديتين في العالم وهما بوضعهما الحالي يحتلان مراكز متقدمة عالميا على مستوى الناتج القومي، ويحققان نموا عاليا مقارنة بالدول المتقدمة صناعيا في أوروبا على سبيل المثال، ما يجعل فرصتيهما كبيرتين لتبوؤ مركز متقدم كأعلى قوتين اقتصاديتين عالميا في ظل الاستمرار في مستوى النمو الحالي، كما أن لهاتين الدولتين حاجة كبيرة إلى علاقات متميزة مع المملكة إذ إن المملكة تمتلك السلعة الأهم لهما وأكبر داعم لاستدامة نمو الدولتين، وهي النفط، كما أن حاجة الصين والهند إلى النفط زاد من عنايتهما بالبحث عن البدائل خصوصا الطاقة الشمسية التي تسعى المملكة إلى أن تكون لاعبا رئيسا في هذا المجال مستقبلا باعتبار أن المملكة تمتلك ميزة في هذا المجال بما تتمتع به من أجواء صافية طوال العام وقد بدأت فعليا مشاريع من هذا النوع في المملكة وبناء شراكات كما تم فعليا من خلال البيان المشترك مع الهند، ما يدل على أن هناك عملا مشتركا سيكون في هذا المجال نتيجة لهذه الزيارة.
أما الصين، فللعلاقة معها أهمية كبيرة، حيث إن الصين أقرب من أي وقت مضى لمنافسة الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم، ورغم الفارق الذي ما زال كبيرا إلا أن الصين أكبر منافس ويتبوأ بجدارة المركز الثاني عالميا كأكبر اقتصاد في العالم، ولدى الصينيين شغف الاستثمار في الخارج، حيث يستثمرون بشكل كبير في الدول الأوروبية والولايات المتحدة فيما يتعلق بالاستثمارات النوعية متى ما وجدوا الفرص؛ حيث يمتلك المستثمرون الصينيون كثيرا من الشركات في الدول الأوروبية حاليا، بهدف الاستفادة من التقنيات المتقدمة لتلك الدول، ولذلك من الممكن أن تكون هناك شراكات واستثمارات متبادلة مع المملكة خصوصا أن هناك حاليا مجموعة من المشاريع المشتركة بين البلدين، ونظرا لوجود برنامج للصين فيما يتعلق بطريق الحرير لتسهيل نقل البضائع حول العالم، وبما أن المملكة لديها اهتمام كبير بالخدمات اللوجستية ضمن "رؤية المملكة" فإن المتوقع أن تكون المملكة أحد أهم الشركاء في هذا الطريق خصوصا أن المملكة ترتبط وممر القارات الثلاث، والقارة الإفريقية سينصب كثير من الاهتمام عليها عالميا باعتبار أن هناك فرصا جيدة للاستثمار في بلدان قد يشهد بعضها نموا كبيرا خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع الاستقرار الذي تشهده بعض دول القارة.
فالخلاصة: إن زيارة ولي العهد -حفظه الله- سيكون لها أثر كبير في توثيق العلاقة بين المملكة ودول باكستان والهند والصين، حيث إن الهند والصين لهما فرص عالية لأن يكونا أكبر الاقتصادات العالمية، كما أن باكستان تعتبر أحد أهم الدول الإسلامية ولها فرص جيدة لتحسين ظروفها الاقتصادية وأن تكون شريكا مهما للمملكة وللاقتصادات الكبرى في العالم. وبوادر الشراكات في المجالات الحيوية بدت بارزة في هذه الزيارات بغرض التأسيس لمصالح مشتركة بين المملكة والبلدان التي زارها ولي العهد.

إنشرها