default Author

ربط المناطق النائية بالأسواق الإقليمية والعالمية

|


لا يعيش سوى أكثر بقليل من نصف السكان في المناطق الريفية في نيبال حول طريق طوله لا يزيد على كيلو مترين بحالة جيدة أو معقولة حسب قياس مؤشر الطرق الريفية في 2015، وهو ما يعني أن نحو 10.3 مليون نسمة من قاطني المناطق الريفية لا يجدون طرقا سهلة ومعبدة. كما يتضح أن مؤشر الطرق الريفية يختلف في جميع أرجاء البلد، ففي الأراضي المنخفضة في الجنوب حيث ترتفع كثافة الطرق والسكان، يصل المؤشر إلى نحو 80 في المائة في بعض المناطق. وفي المناطق الشمالية الأكثر وعورة، فإن قلة كثافة الطرق وضعف جودتها يؤديان إلى عزل كثير من الناس، ومن ثم يبلغ مؤشر الطرق الريفية في عديد من الأماكن أقل من 20 في المائة. لا تزال الأغلبية العظمى من المزارعين في عديد من البلدان منخفضة الدخل معزولة عن الأسواق الإقليمية والعالمية. ومن الممكن أن تعوق محدودية الوصول إلى شبكة طرق جيدة للإنتاج الزراعي وتجعله قاصرا على حد الكفاف. كما أن ذلك يؤثر في قدرة أنشطة الأعمال والمنشآت الريفية على المنافسة مع آخرين في مناطق نائية. ويمثل المستهدف 9.1 من أهداف التنمية المستدامة في تطوير بنية تحتية جيدة وموثوقة ومستدامة ومرنة أي قادرة على تحمل الصدمات، ويشمل ذلك البنية التحتية الإقليمية والعابرة للحدود لمساندة التنمية الاقتصادية ودعم الرفاهية الإنسانية مع التركيز على توفيرها بتكاليف ميسورة وعلى نحو عادل للجميع. وعلى المدى القصير، فإن تعزيز أحد جوانب البنية التحتية الملائمة -ربط الطرق الريفية- يقلل من تكاليف النقل والمواصلات، ويحسن سبل الوصول إلى الأسواق والمنشآت والمؤسسات الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات. ويعمل ذلك على المدى الأطول على زيادة الإنتاجية الزراعية وأرباح الشركات وأنشطة الأعمال، وزيادة فرص العمل، وهو ما يعكس المستهدف 2.3 من أهداف التنمية المستدامة - مضاعفة الإنتاجية الزراعية ودخول صغار منتجي المواد الغذائية. كما يعمل تحسين الربط مع شبكات الطرق على تعزيز قدرات سكان المناطق الريفية للتحلي بالمرونة إزاء مواجهة الكوارث والصدمات الطبيعية التي من صنع الإنسان من خلال تسهيل حركة الناس ونقل المستلزمات من أجل تسريع وتيرة جهود التعافي. يعتبر مؤشر الطرق الريفية الذي تم وضعه منذ عشر سنوات مضت طريقة فعالة لقياس تقدم البلدان على صعيد تحقيق المستهدف من أهداف التنمية المستدامة. ويقيس هذا المؤشر نسبة السكان الذين يستطيعون العيش حول مسافة كيلومترين من طريق سالك في كل التغيرات الجوية، مع الأخذ في الاعتبار مسافة معقولة للأغراض الاقتصادية والاجتماعية المعتادة للناس. وعلى الرغم من القياس السابق من خلال نهج مسوحات الأسر المعيشية التي تتسم بالتكلفة العالية نسبيا التي لا تمثل الحيز المكاني على نحو صحيح، فإن التكنولوجيات الجديدة تسمح بتقدير أفضل لمكونات مؤشر قياس الطرق الريفية - توزيعات شبكة الطرق والسكان، وجودة الطريق. وفي تنزانيا، على سبيل المثال، فإن مؤشر الطرق الريفية الأصلي كان يستند إلى بيانات من نحو 409 قرى تقريبا، وهي عينة صغيرة لا تمثل بلدا مساحته مليونا كيلو متر مربع. وباستخدام بيانات من مؤسسة وورلد بوب التي تقوم بدمج تعدادات السكان والمسوحات الاستقصائية والمعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، والبيانات الإدارية مع قواعد البيانات الأخرى المكانية والمأخوذة من الأقمار الصناعية لإنتاج بيانات عالية الدقة عن توزيع السكان، فإن مؤشر الطرق في المناطق الريفية يمكن أن يستند الآن إلى إمكانية الوصول إلى 100 متر × 100 متر مربع من الأرض. وتعني الطفرات المماثلة في تكنولوجيا الحيز المكاني والتكنولوجيات الأخرى أن البنية التحتية للنقل والمواصلات في عديد من البلدان يمكن تحديدها في خريطة من خلال بيانات شبكات الطرق الرقمية.
كان من الصعب جمع بيانات عن جودة الطرق في المناطق النائية في الماضي. ويركز مؤشر الطرق الريفية على الطرق الصالحة لجميع الأجواء التي يمكن أن تسير فيها المركبات طوال السنة من خلال وسائل النقل السائدة في المناطق الريفية "وهي في الأغلب السيارات الصغيرة البيك آب، أو عربات الشحن التي ليس لها نظام دفع رباعي، مع السماح ببعض حالات التوقف التي يمكن التنبؤ بها لفترة قصيرة أثناء الأحوال الجوية القاسية "مثل الأمطار الغزيرة". وعلى الرغم من أن مثل هذه البيانات قد لا تكون متوافرة لكن من الممكن تجميع مسوحات تقييم الطرق التقليدية مع أساليب جديدة مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي تقدر مدى وعورة الطرق أثناء القيادة عليها، والصور الملتقطة من خلال الأقمار الصناعية التي توضح ظروف الطرق النائية. ويستفيد الأسلوب الجديد الخاص بمؤشر الطرق الريفية من المحددات الأكثر شيوعا في قواعد البيانات الموجودة مثل مؤشر الوعورة العالمي، ومؤشر حالة الرصف، والتقييم المرئي باستخدام أربع أو خمس فئات تصنيف "ممتاز، وجيد، وضعيف إلى حد ما، وضعيف للغاية". وهذه المكونات الثلاثة مجمعة من حيث الحيز المكاني لإنتاج بيانات جديدة خاصة بمؤشر الطرق في المناطق الريفية على المستوى دون الوطني، وتحقيق نتائج أكثر دقة من طريقة مسوحات الأسر المعيشية السابقة. تم عمل مسح استقصائي لثمانية بلدان في إفريقيا وآسيا عند بداية العمل بمؤشر الطرق الريفية في سنة 2006 تقريبا، ومرة أخرى بعد عدد قليل من السنوات بعد ذلك. وفي نحو نصف هذه البلدان، هناك نسبة أكبر من السكان على المستوى الوطني لديها الآن سبل وصول إلى طرق جيدة، ومؤشر الطرق الريفية أعلى وأفضل من ذي قبل "بنجلادش ونيبال وكينيا وأوغندا"، بينما في البلدان الأخرى "إثيوبيا وموزامبيق وتنزانيا وزامبيا" هناك معاناة من بعد الطرق أكثر من ذي قبل. وبوجه عام، فإن نحو 174 مليون نسمة يقطنون مناطق ريفية في البلدان التي اشتمل عليها المسح الاستقصائي من إجمالي عدد السكان البالغ 470 مليون نسمة يعيشون دون سبل وصول جيدة إلى الطرق. توضح مقارنات البيانات المكانية كيف يمكن أن يكون هناك ارتباط بين عدم توافر سبل الوصول إلى الطرق ومناطق الفقر. في موزامبيق، تشير التقديرات إلى أن 20 في المائة من السكان في المناطق الريفية يعيشون في حدود مسافة كيلو مترين عن طريق سالك في كل الأنواء الجوية، وهو ما يعني أن هناك 15 مليون نسمة يعيشون في مناطق ريفية ولا تتوافر لهم سبل الوصول إلى الطرق. وتبين مقارنة ببيانات خريطة الفقر أن مؤشر الطرق الريفية في موزامبيق ينخفض مع ارتفاع معدلات انتشار الفقر. وعلى الرغم من أن العلاقة السببية لا تزال محل جدل فإن مقارنة البيانات المكانية بصورة مرئية على هذا النحو تعتبر أداة مفيدة. يكشف التقرير الصادر في 2015 عن البنك الدولي، ووزارة التنمية الدولية البريطانية، وصندوق إعادة الرسملة التابع لمؤسسة التمويل الدولية بعنوان قياس الطرق الريفية: استخدام تقنيات جديدة الارتباط بين توافر سبل الوصول إلى الطرق الريفية والتنمية المستدامة، كما يبين أنه من خلال الاستثمار في التقنيات لقياس موقع الطرق وجودتها، تستطيع البلدان استخدام مبادئ مؤشر الطرق الريفية والنتائج الخاصة به في عمليات التنمية المستدامة الخاصة بها.

إنشرها