Author

مخرجات عظيمة لزيارة تاريخية

|


ليست هناك حدود للتعاون بين المملكة والصين، بما يكفل تحقيق الأهداف السامية لكلا البلدين. القواعد التي تقوم عليها العلاقات بين الرياض وبكين أعطتها زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين قوة تعكس مدى حكمة القيادة السعودية في علاقاتها مع الدول. صارت أكثر صلابة من حيث الأساس، وأكثر مرونة من جهة الأداء والمخرجات. وبدا واضحا مدى الاهتمام الصيني الكبير بزيارة الضيف الكبير الذي يرافقه وفد يمثل كل الاختصاصات الوطنية السعودية. وهذا يؤكد مرة أخرى متانة بناء العلاقات، ويفتح آفاقا بلا حدود لتطويرها، ولا سيما في ظل "رؤية المملكة 2030" التي فتحت الأبواب على مصراعيها لكل جهة ترغب في الحضور على الساحة السعودية، طالما أن هذا الحضور يسهم في استكمال عملية البناء الاقتصادي في السعودية.
الاتفاقيات التي تم توقيعها في اليوم الثاني لزيارة الأمير محمد بن سلمان بلغت 35 اتفاقية، ووصل حجمها إلى أكثر من 28 مليار دولار. ومن أهم دلالاتها أيضا أنها جاءت نتيجة لانعقاد المنتدى السعودي - الصيني للاستثمار الذي جمع كل الكوادر والمسؤولين في شتى القطاعات والمجالات من الجانبين. وسط هذه الاتفاقيات تظهر أيضا أربعة تراخيص لشركات صينية مختصة للاستثمار في المملكة. وهذا الجانب من أهم الجوانب في "رؤية المملكة"، حيث يشكل الاستثمار ركيزة أساسية في عملية التنمية الشاملة. وأسهمت الـ"رؤية" في تذليل العقبات أمام أي استثمارات ذات قيمة مضافة، من خلال التشريعات المرنة التي اعتمدتها المملكة في السنوات الماضية. فالنشاط الاقتصادي متبادل بين دولتين تمثلان محورين رئيسين في مجموعة العشرين الكبرى. الاتفاقيات شملت كثيرا من القطاعات، ولعل الجانب الخاص بالطاقة المتجددة يكتسب أهمية أكبر، لأنه يعزز خطوات المملكة في هذا الاتجاه، يضاف إلى ذلك أن هذا القطاع سيوفر ما لا يقل عن 800 وظيفة، وهذه أيضا نقطة محورية في "رؤية المملكة" الخاصة بالتشغيل الوطني والتوطين بشكل عام. طبعا، هناك كثير من القطاعات التي تمثل محاور استراتيجية ضمنتها الاتفاقيات مع الصين، من بينها صناعة البتروكيماويات، وتقنية المعلومات، والبنية التحتية، والنقل البحري وغير ذلك. والأبواب ستبقى مفتوحة للعلاقة المتبادلة على الصعيد الاقتصادي، ولا سيما في ظل الحراك الصيني في جميع القطاعات، فضلا عن الحضور السعودي على الساحة الصينية من كل النواحي. وهو حضور شكلته السنوات الماضية بصيغة متجددة، إضافة إليها استراتيجية المملكة الشاملة.
على الجانب السياسي، زاد التناغم بين الرياض وبكين، الأمر الذي ينعكس إيجابا ليس فقط على علاقات البلدين الثنائية، بل على دورهما في مواجهة قضايا عالمية تتطلب حضورهما بحكم وزنهما الدولي. وهذا يعني أن العلاقة بين البلدين تصب في المصلحة العالمية مباشرة، وتعزز بصورة تلقائية الأمن والسلم العالميين، وهذا هدف سعودي وضعته المملكة لنفسها منذ عقود، كما أنه هدف صيني أيضا. الأهداف المشتركة متعددة بين بلدين تجمعهما قواسم مشتركة كثيرة، وكلها تصب في المصلحة العامة ليس فقط تلك التي تخصهما بل تلك التي تشمل الساحة الدولية أيضا. وعلى هذا الأساس، ستكون هناك محطات أخرى متقدمة في المستقبل بين الرياض وبكين تستند كلها إلى تلك العلاقة التي انطلقت منذ عقود وتعززت بزيارتين تاريخيتين للصين، الأولى تلك التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في عام 2017، والثانية هذه التي قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

إنشرها