FINANCIAL TIMES

«الشبكة» داخل الجوال تقود «بايدو» إلى غرفة الإنعاش

«الشبكة» داخل الجوال تقود «بايدو» إلى غرفة الإنعاش

محرك بينج التابع لشركة مايكروسوفت، آخر محرك بحث أجنبي في الصين، كان لا يمكن الوصول إليه لفترة وجيزة الشهر الماضي، ما تسبب في نوبة من القلق بين مستخدمي الإنترنت من أن خيارهم الوحيد الباقي ربما يكون "بايدو".
كان بايدو محرك البحث المهيمن في الصين خلال معظم العقدين الماضيين، ولكنه يواجه مرة أخرى انتقادات حادة، بعد أن انتشر احتجاج على الإنترنت بشكل سريع، من أن الشركة تعطي الأولوية لروابط متعلقة بالمنصة تابعة لها على حساب نتائج أكثر ملاءمة.
عندما تنشر أرباحها في الربع الأخير من هذا الأسبوع، يتوقع المحللون أن يكون هناك انخفاض آخر في هامش تشغيل انخفض من 21 في المائة إلى 16 في المائة بين الربعين الثاني والثالث، مع تباطؤ سوق الإعلانات في الصين.
في هذه الأثناء، يجري تسوير كثير من الإنترنت في الصين بعيدا عن متناول محرك بحث "بايدو" من قبل منافسيه.
قال جيالونج شي، محلل الإنترنت في نومورا الصين: "بالنسبة إلى شركة بايدو، هذه السنوات القليلة تعد صعبة. بقرتهم النقدية الحالية، وهي قسم محرك البحث، تعاني مشكلة هيكلية: كثير من المستخدمين والمحتويات والوقت يؤخذ منهم، من قبل تطبيقات فائقة منافسة، في حين أن محرك عائداتهم الجديد أيه آي AI، لا يزال في مرحلة الإعداد".
كانت شركة بايدو هي بوابة الإنترنت الصينية خلال عصر كمبيوترات سطح المكتب، وشهدت سلسلة من المنافسين، بما في ذلك شركة جوجل. على أن انتقالها إلى عصر الجوال كان بطيئا، وبدأت مشاكله بشكل جدي في عام 2016، خلال فضيحة الدعاية الطبية التي مات فيها شاب بعد شراء علاج سرطان تجريبي، عثر عليه خلال البحث في محرك "بايدو".
وقد كشفت الفضيحة عن اعتماد الشركة على الإعلانات الطبية، التي شكلت 20-30 في المائة من العائدات في ذلك الوقت، وفقا للمحللين.
بعد تدخل الأجهزة التنظيمية، حذفت شركة بايدو خمس المعلنين على موقعها وأصدرت تحذيرا بشأن الإيرادات.
في العام الماضي، ومع بدء الاقتصاد الصيني في التباطؤ مع نمو الإعلانات عبر الإنترنت، عانى سعر سهم شركة بايدو، مثل أسهم منافسيه. لا تزال الشركة تحتل المرتبة الثالثة بين أكبر شركات التكنولوجيا في الصين من حيث القيمة السوقية، ولكن أداءها كان متخلفا عن شركتي تنسنت وعلي بابا، خاصة مع انتقال مزيد من المحتوى إلى منصات وسائل الإعلام الاجتماعي مثل ويشات، التي لا يلتقطها محرك بحث بايدو.
على المدى الأقصر، حاولت شركة بايدو محاربة هيمنة شركة تنسنت على وسائل الإعلام الاجتماعي، من خلال منصة تدوين على الإنترنت هي: بيجياهاو.
تمنع شركة تنسنت شركة بايدو من فهرسة المقالات التي يكتبها أكثر من مليار حساب مستخدم على موقعها، في حين تغلق شركة علي بابا أيضا نتائج سوقها على الإنترنت، ما يكوّن بالتالي ما يسميه المحللون الصينيون "حدائق مسورة" على الإنترنت.
ترويج شركة بايدو لمنصة بيجياهاو أصبح سيئ السمعة الشهر الماضي بعد أن كتب مدوّن بارز للتكنولوجيا، هو فانج كيشنج، مشاركة انتشرت على الإنترنت ينتقد فيها الشركة بدعوى الإفراط في حشو نتائج البحث في صفحات منصة بيجياهاو، وتحديد أولويات محتواها بدلا من مراعاة أن يكون الرابط مناسبا لموضوع البحث.
قرأ المستخدمون مقال فانج أكثر من 2.48 مليون مرة على موقع "سينا وايبو" للتدوينات المختصرة أو الموجزة "تغريدات".
قال فانج المقيم في فيلادلفيا: "رد الفعل في الواقع تجاوز توقعاتي. أعتقد أن السبب في ذلك هو لأنني تحدثت عما يفكر فيه الجميع". ومع ذلك، اعترف أنه لا يستطيع أن يوصي ببدائل أفضل لمحرك "بايدو" في الصين.
وأضاف فانج: "أفضل حالة هي استخدام محرك جوجل، لكنني أعرف أن الغالبية العظمى من الناس في الصين لا يمكنها ذلك".
ويوصي المستخدمون الصينيون بمحاولة مجموعة متنوعة من الخيارات، بما في ذلك محركات "بينج" و"ساجو" إضافة إلى محرك "بايدو"، وهو يحاول منذ فترة تثقيف الجمهور حول كيفية التمييز بين الغث والسمين في مصادر المعلومات.
وفي تصريح علني ردا على الانتقادات الموجهة لمنصة التدوين، قالت شركة بايدو إن هناك أكثر من 1.9 مليون من المبدعين في منصة بيجياهاو، مضيفة أنها ستواصل تحسين محتواها.
وقال زهو زيكن، الباحث في مكاتب جيا يوان القانونية: "أفضل أن أستخدم "بينج" إذا كان ذلك ممكنا، وأحيانا يكون بحث ويشات أفضل من محرك بايدو، لأن كثيرا من الشركات تنشر المعلومات أولا على حسابات ويشات الآن".
محللة سياسات صينية، ترغب في البقاء مجهولة، تحولت إلى محرك "بايدو" بعد أن فقدت شركتها حق الوصول إلى محرك "جوجل" في العام الماضي، فتقول الآن إنها تحب الواجهة البينية، وإن شركة بايدو لا تزال أفضل المعروض في الصين، حيث إنها تعطي نتائج أكثر شمولية إذا كان المرء دقيقا بشأن مصطلحات البحث.
إضافة إلى بناء منصة بيجياهاو، يحاول محرك "بايدو" اجتذاب المستخدمين إلى مجموعة من التطبيقات الجديدة، مثل تطبيق هاوكان Haokan للفيديوهات القصيرة، ضمن جهود ترمي إلى تنويع التطبيقات المعروفة داخليا بأنها "صنع واحد رائع، يجعل كثيرين أقوياء".
أشار أحد الموظفين إلى وجود شعور داخلي بأن الشركة تلاحق عددا من الأهداف يفوق الحد، وتنفق الأموال على ذلك.
الإنفاق المتزايد على التسويق أحد الأسباب التي جعلت بنك نومورا يخفض تقديرات أرباحها للربع الأخير من عام 2018، إلى جانب بنك جولدمان ساكس.
قال مارتن باو، من بنك الصين الصناعي والتجاري، الذي يقدر أن هوامش الربح الصافي التي لا تستند إلى "مبادئ المحاسبة المقبولة عموما" ستنخفض من 26.3 في المائة في عام 2017 إلى 22.8 في المائة العام الماضي: "البقرة النقدية لا تنمو، والبقرات التي تنمو لا تكسب كثيرا من المال، وبعض الأجزاء تحرق المال فحسب".
في الوقت الذي يتعثر فيه محرك البحث التابع لها، تنشر شركة بايدو مواهبها البحثية في مشروع أبولو للسيارات من دون سائق، كما أن إنجازاتها في معالجة اللغات نالت علامات استحسان دولية.
المشاريع التي من هذا القبيل لم تحقق حتى الآن أرباحا معقولة، على الرغم من أن بنك الاستثمار "يو بي إس" يتوقع بعض المكاسب من شحنات أبولو في النصف الثاني من هذا العام.
وبينما تنتظر هذه المشروعات أن تحقق ثمارها، فإن شركة بايدو تركز على محاولة استعادة المستخدمين. لقد كانت راعيا بارزا لعرض حفل رأس السنة الصينية، لأول مرة هذا العام.
الشركة بدأت سنة الخنزير من خلال إعطاء جوائز بقيمة 1.1 مليار رنمينبي (280 مليون دولار)، وفقا لمحللين في "سيتي" أي أكثر بكثير من أي من منافسيها، وبنحو أربعة أضعاف المبلغ الذي قدمته شركتا علي بابا وتنسنت، معا.
تضمن العرض ألعابا مثل "الاستيلاء على الحزمة الحمراء"، التي تكافئ المشاركين بنسخ رقمية من المظاريف الحمراء المحشوة بالنقود، التي يتم توزيعها تقليديا على الأصدقاء والأقارب على مدار السنة القمرية الجديدة.
قال "سيتي" إن هذا السخاء ساعد على زيادة عدد المستخدمين يوميا في المتوسط لدى شركة بايدو على تطبيقها الجوال ليصل إلى 300 مليون مستخدم خلال فترة العطلات، وهو أكثر من ضعف عدد المستخدمين اليوميين المتوسط الذي تم تسجيله في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
أمام الشركة مسافة بعيدة لكي تستطيع التنافس مع العدد اليومي للمستخدمين على موقع ويشات الذي يزيد على 700 مليون مستخدم.
هل ستعود "جوجل" إلى الصين؟
محاولة شركة جوجل للعودة إلى الصين مع محرك بحث خاضع للرقابة، في مشروع يحمل اسم "اليعسوب" Dragonfly أثارت رد فعل عام عنيف من الموظفين الذين انتقدوا الرقابة، والانتهاك المحتمل للخصوصية من خلال إجبارها على تسليم بيانات المستخدمين إلى الحكومة الصينية.
مع ذلك، ليس هناك ما يشير إلى أن الحكومة الصينية سترفع حظرها على محرك البحث الأكثر شعبية في العالم.
بسبب نظام التحكم والرقابة على الإنترنت في الصين، يضطر المستخدمون الصينيون ليكونوا مبتكرين بشأن العثور على المعلومات على الإنترنت.
على الرغم من أن الغالبية العظمى من المستخدمين لا يحاولون تجاوز "سور الصين العظيم" من على الشبكة، إلا أن كثيرا من الأكاديميين والصحافيين وغيرهم من الباحثين يعتمدون على برامج مكافحة الرقابة المعروفة باسم الشبكات الافتراضية VPNs من شركة جوجل.
قالت محررة صينية تعمل في وسائل إعلام حكومية ترغب في البقاء مجهولة الهوية: "أنا من أشد المعجبين بشركة جوجل، وحتى استخدام محرك جوجل للبحث عن مواد باللغة الصينية يحقق نتائج أفضل بكثير. أنا الآن استخدم محرك بايدو للبحث عن مستحضرات التجميل، لأن الموقع مليء بالمواد الترويجية".
مع ذلك، في ظل غياب عودة محرك "جوجل" إلى الصين، قال شاي من "نومورا" إن مثل هذه الانتقادات لن يكون لها تأثير يذكر على المدى الطويل في محرك "بايدو".
"ربما يكون المثقفون والمستخدمون الحاصلون على تعليم أفضل أكثر حساسية تجاه نتائج البحث، لكنهم يمثلون في الغالب 50 في المائة من إجمالي مستخدمي الإنترنت في الصين. كل من تبقى ليسوا مميزين وسيأخذون ما يظهره محرك البحث. وليست لديهم خيارات أخرى".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES