default Author

الحفاظ على الزخم الاقتصادي «3»

|


لنتعرف على ما تعنيه الاتجاهات العالمية لمنطقة جنوب شرق آسيا، بدءا من تأثير التطورات التكنولوجية.
إن التنبؤات المتعلقة بنزوح العاملين بالجملة تبدو مفرطة في التشاؤم. وتعد بعض حالات النزوح طبيعية في اقتصاد السوق، حيث تولد صناعات جديدة وتتراجع صناعات أخرى؛ فأحيانا تتسارع وتيرة هذه العملية؛ وتتباطأ في أحيان أخرى. وفي العقود القادمة، من المرجح أن تتسارع وتيرة عمليات النزوح، لكن وتيرة إيجاد فرص العمل ستتسارع أيضا. فكم منا توقع أن تؤدي "الإنترنت" إلى ظهور صناعة الأمن الإلكتروني التي توظف مئات الآلاف من العاملين في جميع أنحاء العالم؟ الولايات المتحدة وحدها لديها قوى عاملة في مجال الأمن الإلكتروني تبلغ 768 ألف عامل، وذلك وفقا لتقديرات رابطة صناعة تكنولوجيا الحوسبة Computing Technology Industry Association CompTIA وهي رابطة في مجال، التكنولوجيا. وبالمثل، سيؤدي ظهور الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات إلى توفير وظائف جديدة.
كيف ستواكب جنوب شرق آسيا التغيرات التكنولوجية والتطورات الأخرى التي تعد بتحسين هيكل القدرة التنافسية الحالي؟ من المحتمل جدا أن تكتسب إعادة الصناعة التحويلية للاقتصادات المتقدمة مزيدا من الزخم. وإلى جانب ذلك، ينتج عن بعض التكنولوجيات تأثيرات الشبكات التي تمنح الاقتصادات الكبرى أفضلية على الاقتصادات الصغرى. وليس من قبيل المصادفة أن شركات مثل "علي بابا، وألفابت، وفيسبوك، وتنسنت" قد نشأت في الصين والولايات المتحدة.
ومن المرجح أيضا أن تواصل الصين الارتقاء بسلسلة القيمة، في حين أنه من المرجح أن تعزز الهند من وجودها في صناعات تحويلية أكثر تخصصا، حيث تتحسن البنية التحتية وبيئة الأعمال وتزداد قدرة الشركات المصنعة على استغلال وفورات الحجم. لكن كل هذا لا يعني أن نموذج الصناعة التحويلية التي تقودها الصادرات لن تستفيد منه البلدان حديثة العهد بالتنمية مثل إندونيسيا والفلبين، وذلك لسببين.
أولا، تغطي الصناعات القائمة طائفة من الأنشطة، ومن غير المرجح أن تحدث التكنولوجيا تحولا في كل نشاط لدرجة لا يبقى معها المجال متسعا للأنشطة كثيفة الاستخدام للعمالة. ففي صناعات مثل المنسوجات والملابس والأحذية، على سبيل المثال، هناك حدود لمستوى الأتمتة الممكن.
وثانيا، يمكن للتكنولوجيات الجديدة إنعاش الاقتصادات النامية في جنوب شرق آسيا. ولننظر كيف ساعدت التطورات في مجال الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر الفلبين على إقامة صناعة جديدة تماما ــ وهي التعاقد الخارجي على أداء العمليات التجارية ــ من الصفر. ومن شأن تعدد التكنولوجيات الناشئة أن يوفر مزيدا من هذه الفرص.

بناء القدرة على الصمود
لمواكبة هذه الفترة التي تشهد تغيرات مقلقة، يجب على جنوب شرق آسيا بناء قدرتها على الصمود، أو قدرتها على التعافي من الصدمات والتوترات. وفي الوقت نفسه، يجب أن تظل مرنة للاستفادة من الفرص وتخفيف المخاطر التي تفرضها التحديات الأطول أمدا مثل الاضطرابات التكنولوجية وتغير المناخ.
لقد تحسنت القدرة على الصمود منذ الأزمة الإقليمية في 1997- 1998. فقد أصبحت الاقتصادات أكثر تنوعا؛ واعتمدت الحكومات أنظمة سعر صرف أكثر مرونة؛ وأصبحت الهياكل المالية أقل عرضة للأزمات بكثير، حيث تحتفظ البنوك، على سبيل المثال، برؤوس أموال كبيرة؛ وتحسنت ميزانيات الشركات، والأسر، والمؤسسات المالية، والحكومة. ولإثبات ذلك، ما عليك سوى معرفة مدى نجاح المنطقة في مواجهة الصدمات وتحركات السوق الحادة في السنوات الأخيرة، مثل الأزمة المالية العالمية، وأزمات منطقة اليورو المتتالية، وانهيار أسعار السلع الأولية ... يتبع.

إنشرها