ثقافة وفنون

«أب سايد» نيكول كيدمان .. نجوم بلا حبكة

«أب سايد» نيكول كيدمان .. نجوم بلا حبكة

«أب سايد» نيكول كيدمان .. نجوم بلا حبكة

طالما ساد اعتقاد أننا نحن العرب نلجأ إلى الاقتباس والنقل عن الآخرين، تحديدا عندما يلجأ منتجونا السينمائيون إلى نسخ أيقونات هوليوود إلى السينما العربية بعد تحويرها وتغيير أسماء أبطالها ولغتهم مع الإبقاء على تفاصيل القصة نفسها، إلا أنه إذا تعمقنا أكثر في عالم الفن السابع لوجدنا أن النسخ ليست عادة عربية فقط، بل إنه حتى عظماء السينما العالمية يلجأون إلى ذلك عندما تخلو جعبتهم من أفكار وقصص، فيستسهلون النسخ بحذافيره، ويقدمون الفيلم نفسه لكن بلهجة مختلفة وتأطيره بطابع أمريكي.
إن ما دفعني إلى البحث في دهاليز صناعة هوليوود ونبش أسرارها في النسخ هو مشاهدتي فيلم نيكول كيدمان الجديد الدرامي- كوميدي The Upside النسخة الأمريكية من الفيلم الفرنسي الذي يحمل عنوان The Intouchables الذي صدر عام 2011، وجاء ضمن أفضل 250 فيلما في تاريخ السينما، وفقا لموقع IMDB، كما رشح لجائزة "جولدن جلوب" كأفضل فيلم أجنبي عام 2013.
تدور أحداثه فى إطار كوميدي حول العلاقة التي تجمع بين رجل غني مقعد وبين عاطل لديه سجل جنائي، ومع ذلك يعينه لمساعدته. والفيلم مستوحى من حياة فيليب بوزو دي بورجو، الملياردير المقعد الذي يصطدم بصداقة غير محتملة مع محكوم عليه بالإعدام.

هوليوود تستنسخ
يروي الفيلم، قصة شاب ذي أصول إفريقية، يلعب دوره كيفن هارت، ويقتحم عالم فيليب، الرجل الثري الذي يعاني صعوبة في الحركة، يلعب دوره بريان كرانستون، نجم مسلسل "بريكينج باد"، ويحول حياته من النقيض إلى النقيض، مظهرا له جانبها المشرق.
في النهاية "ديل" هو عاطل يبحث عن العمل ويتقدم إلى الفرصة التي قدمها فيليب، الباحث عمن يرعاه في كثير من أموره، لكن بكثير من العفوية والجرأة التي تميز شابا منطلقا لا يكترث كثيرا – ظاهريا على الأقل – للإعاقة التي يعانيها فيليب، ويتعامل معها بكثير من اللا مبالاة ودون مراعاة لمشاعر صاحبها. هذه النقطة بالذات، في نظر فيليب، هي التي ستشغّله، ليمضي بنا الفيلم في علاقة ثنائية فريدة من نوعها، بين شاب نبيل، وثري يعاني صعوبة كاملة في الحركة امتلأ حد التخمة بالتعاطف المبتذل والتظاهر الذي يطبع تعامل الناس عموما مع كل من هم في حالته.
وفي الواقع ليست هذه المرة الأولى التي تلجأ هوليوود فيها إلى استنساخ أفلام من دول أوروبية أو آسيوية، بل سبق أن قامت بعديد من هذه الاستنساخات، لعل أبرزها فيلم Funny games الألماني، معتمدة على خلطتها السحرية التي تعتمد على نجومها الأوائل في شباك التذاكر، دون الاكتراث إلى الفكرة نفسها سواء كانت جديدة أو مكررة أو مستنسخة، بل ترتكز على نجومية الأبطال الذين سيلعبون الأدوار الرئيسة، وفي هذا الفيلم ضمنت هوليوود تصدر هذا الفيلم استنادا إلى نجومية كل من كيفن هارت، نيكول كيدمان وبريان كرانستون. وما يزيد فرص نجاحه هو وجود مخرج فذ كنيل بيرجر. فمع عناصر نجاح هكذا، تتراجع أهمية الفكرة والقصة إلى الصفوف الخلفية، ويتتقدم الأداء المميز للممثلين، الذي يرتكز على مهارات كاميرا المخرج.

ما بين ‏النسختين الفرنسية والأمريكية
كما أردفنا سابقا، فكلتا النسختين الفرنسية والأمريكية متطابقة، إلا أن الفضل الأول للنجاح يبقى للنسخة الفرنسية كونها الأصل، لكن إعادة إنتاج الفكرة بقوالب متعددة لا يضر في شيء، بل على العكس تماما، إنما ذلك يسهم في توسيع دائرة انتشار القصة انطلاقا من جماهيرية هوليوود أولا، ومن ارتفاع عدد مشاهدي كونه ناطقا باللغة الإنجليزية والأكثر استخداما.
وبحسب النقاد السينمائيين، فإنه لا فرق بين كلتا النسختين، فيقول الناقد جيمس بيراردينيللي، في تعليقه على الفيلمين، على موقع روتن طوماطوز، "واضح أن العوامل التي أدت إلى نجاح The intouchables هي نفسها التي كانت سببا في نجاح The upside، لكن الفرق بينهما هو الفرق بين الصوت والصدى، يستحيل أن يكونا بالقوة نفسها وبالثقل نفسه". من جانبه، كتب الناقد مارك فيني على "بوسطون جلوب"، يبدو الانسجام واضحا جدا بين كل من كرانستون وهارت طيلة الفيلم، بما يسمح بالتغطية على أوجه القصور فيه، والاستفاضة غير المبررة غير ما مرة".

انتقادات
دافع برايان كرانستون "62 عاما" عن تأديته تلك الشخصية في فيلم The Upside في ظل الجدل المستمر حول تجسيد الممثلين أدوارا "يجب أن تسند إلى الأقليات". في حديث إلى وكالة "أسوشييتد برس"، قال "إن اختياره لأداء هذا الدور هو قرار تجاري"، وأضاف "نعيش في عالم الانتقادات. إذا أردنا أن نجرب أمورا جديدة، فعلينا أن نكون مستعدين للنقد. نحن "فريق العمل" على دراية بأنه من الضروري توسيع مروحة الفرص لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن كممثلين يطلب منا أن نكون أشخاصا آخرين. إذا كنت متقدما في السن وثريا ومحظوظا، فهل هذا يعني أنه لا يمكنني أن أظهر على الشاشة في شخصية رجل فقير ومثلي الجنس"؟

إيرادات جيدة رغم الإستنساخ
بتصدره قائمة البوكس أوفيس بمداخيله حقق فيلم ‏The Upside‏ إيرادات وصلت إلى 76 مليون دولار منذ طرحه يوم 11 يناير الماضى، وهذا يثبت أن لأفلام هوليوود سحرها الخاص ولو كانت فكرة مكررة، وانقسمت الإيرادات بين 70 مليون دولار داخل الولايات المتحدة المريكية، وستة ملايين دولار حول العالم. ولعل النجاح الأكبر لهذا الفيلم أن نسخته الهوليوودية هي التي أحيت النسخة الفرنسية وأعادتها إلى الصورة، حيث ضجت محركات البحث بكلمة The upside وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تعطي نتيجة مرفوقة دائما بالنسخة القديمة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون