default Author

الحفاظ على الزخم الاقتصادي «1»

|

من التحول الديموغرافي إلى التغيير المناخي تواجه منطقة جنوب شرق آسيا عددا كبيرا من التحديات، سيتطلب التغلب عليها الصمود والمرونة.
نادرا ما تصاب منطقة جنوب شرق آسيا بخيبة أمل في قدرتها على تحقيق مفاجآت تعزز الشعور بالأمل. فقد أثبت الناخبون الماليزيون أخيرا خطأ الخبراء وانتخبوا حكومة إصلاحية تتصدى بحماس للتحديات التي تواجه هذا البلد. ومنذ عام 1998، فعلت إندونيسيا الشيء نفسه بالنجاح في إجراء واحدة من أكثر التحولات الديمقراطية إثارة للإعجاب بين اقتصادات الأسواق الصاعدة. وجاءت شركات مثل شركة "طيران آسيا" منخفضة التكلفة على ما يبدو من العدم لتصبح عملاقة في مجالها، في حين أن شركة "جراب"، النسخة الجنوب شرق آسيوية لشركات النقل حسب الطلب، هي مجرد واحدة من عديد من شركات اليونيكورن unicorn التي بدأت في الظهور.
ومثل هذه الأمثلة تجعلني متفائلا نسبيا بشأن الآفاق المستقبلية لمنطقة جنوب شرق آسيا في بيئة عالمية مضطربة على نحو متزايد. وبالطبع، ليس من السهل التعميم على منطقة تضم 643 مليون نسمة في عشر دول تتسم بالتنوع الذي نجده في جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، وهي بلد زراعي يضم جبالا وغابات وعرة، وسنغافورة، وهي مدينة براقة بها أحد أعلى مستويات المعيشة في العالم. لكنني على ثقة من أن المنطقة ستنجح في التغلب على عدد كبير من التحديات العالمية، التي تراوح بين شيخوخة السكان وتغير المناخ إلى أوجه التقدم في مجال التكنولوجيا والتدفقات المتغيرة للتجارة والتمويل الدوليين. وقد نجحت جنوب شرق آسيا في مواجهة الصدمات الخطيرة في الماضي، خاصة أزمة 1997- 1998، وخرجت منها أقوى من ذي قبل. وسيعتمد نجاحها في المستقبل على قدرتها على التكيف بمرونة مع هذه القوى العالمية وعلى قدرتها على الصمود أمام الصدمات والتوترات التي يخبرنا التاريخ أنها حتمية.

اتجاهات الشيخوخة:
كيف ستتكيف منطقة جنوب شرق آسيا؟ لنبدأ بالعوامل الديموغرافية؛ نظرا لأن هناك أشياء كثيرة أخرى تتبعها. فالمنطقة تشهد تحولا ديموغرافيا كبيرا. ولن يتباطأ النمو السكاني فحسب، بل ستصبح اتجاهات الشيخوخة أكثر وضوحا. ورغم أن أعداد المسنين تزداد بسرعة في سنغافورة وتايلاند، فحتى البلدان ذات الشعوب الشابة نسبيا، مثل ماليزيا والفلبين، سيتباطأ معدل نمو سكانها وقوتها العاملة. وسينتهي عصر العمالة الوفيرة والرخيصة، الذي ساعد المنطقة على أن تصبح منطقة صناعية من خلال الصناعة التحويلية القائمة على التصدير والعمالة المكثفة، إلى حد كبير في جميع أنحاء المنطقة.
وفي الوقت نفسه، تتوقع الأمم المتحدة أن يزداد تعداد سكان الحضر من 49 في المائة من المجموع الحالي للسكان إلى نحو 56 في المائة بحلول عام 2030. وهذا يعني أن 80 مليون شخص آخرين يتزاحمون في بلدات ومدن، ويتنافسون على الوظائف والمرافق، ولكنه، على الجانب الإيجابي، يمثل 80 مليون عامل لديهم فرصة أن يصبحوا أكثر إنتاجية، وأن يحصلوا على أجور أعلى في بيئة حضرية ديناميكية. ويشكل هؤلاء العاملون سوقا مربحة للشركات التي تبيع طائفة واسعة من السلع والخدمات.
فهل يمكن للتطورات التكنولوجية أن تساعد المنطقة على مواكبة هذه التحولات الديموغرافية؟ إن التقدم المحرز في مجال الذكاء الاصطناعي بما في ذلك الروبوتات إلى جانب الابتكارات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والمواد المركبة الجديدة، سيحدث تحولا في عمليات الصناعة التحويلية، ما يجعلها أقل كثافة في استخدام العمالة مع إيجاد فرص لمنتجات جديدة...يتبع.

إنشرها