Author

ليت قلبي حجر

|


بعض الرسائل التي قد تصلك أحيانا تتمنى لو أنك لم تقرأها أو تعرف تفاصيلها لكن حين تعلم أن من أرسلها إليك يعيش معاناة إنسانية مؤلمة ويحتاج إلى كلمة طيبة منك قد ترمم جرحا وتداوي ألما فإنك بلا أي تردد ستضطر لقراءتها والتفاعل مع حروفها والرد على صاحبها.
تقول صاحبة الرسالة: "لم أتمن في يوم ما أن الله قد خلق قلبي حجرا إلا في ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه أن ابني ملحد، لم أعتد التجسس على بريده الإلكتروني، لكن في ذلك اليوم نساه مفتوحا وبدافع الفضول قمت بتصفحه وليتني لم أفعل، صدمت حين علمت أن ابني يراسل عددا من الملحدين ويفتخر بكونه أصبح واحدا منهم، وصعقت من كمية التطاول على الذات الإلهية والاستهزاء بشرائع الدين والسنة الشريفة، شعرت أن جبالا راسيات داخلي بدأت في التهاوي إلى قاع سحيق من عدم التصديق، انتظرت عودته من الجامعة على أحر من الجمر حتى يخبرني أن ما قرأته كان رسائل خاطئة، كنت أتمنى أن يقول لي: إن بريده تم اختراقه، تمنيت أن يكذب علي، لكنه اعترف لي أنه أصبح ملحدا، أخبرت والده بالأمر فقام بضربه وهدده بقطع المصروف عنه وسحب سيارته وطرده من المنزل إن لم يتراجع عن إلحاده، لكنه مع الأسف ظل مصرا على قراره فنفذ والده تهديده وطرده من المنزل حتى لا تؤثر أفكاره في باقي إخوانه، فذهب إلى أحد أصدقائه الملاحدة للعيش عنده، ليت قلبي حجر فأنساه وأطوي ذكراه عني، لكن الأمر أصعب من ذلك بكثير، يظل قلب الأم داخلي يتلوى ألما على فراقه فهو ما زال ذلك الطفل الصغير في نظري، ليت قلبي حجر فأهجره هجرا يليق بجريمته التي لا تغتفر، لكني أم يا سيدتي فأرشديني".
كلنا كأمهات معرضون يوما أن نكون في موقفها المؤلم، ولا نستطيع أن نلوم قلب الأم داخلها، لكن يظل هناك حد فاصل بين حب الابن وحب الله تعالى، فحب الله تعالى مقدم على ما سواه في هذه الحياة بأكملها، لكن على هذه الأم ألا تقنط من عودة ابنها إلى جادة الصواب من خلال الحوار المقنع والاستعانة بأشخاص من أهل العلم والدين، ومحاولة التأثير فيه بأساليب متنوعة من النقاش المستفيض الذي يكشف له زيف الإلحاد وبطلان دعاوى الملحدين، كذلك الدعاء المتواصل أن يرده الله إليه ردا جميلا.
أما إن استمر على طريق الإلحاد فأرجو الله فعلا أن ينقلب قلبها حجرا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها