Author

الصفقة الخضراء الجديدة

|


إن الصفقة الخضراء الجديدة عبارة عن مجموعة من برامج التحفيز الاقتصادي المقترحة في الولايات المتحدة، التي تهدف إلى معالجة تغير المناخ وعدم المساواة الاقتصادية. وبفضل أنشطة مكافحة تغير المناخ أصبحت "الصفقة الخضراء الجديدة" أحد أهم الموضوعات الجاري تناولها حاليا. فقد تمكن عديد من كبار وصغار القادة السياسيين على حد سواء من توجيه الحوار حول تغير المناخ نحو مجموعة حقيقية وعملية من الحلول. حيث تقتضي هذه الخطة إدخال تغييرات كبيرة في كيفية توليد الطاقة، وكذلك تحفيز إدخال هذه التغييرات بضمانات فرص العمل.
ومن الأمور التي سيلاحظها من يلقي نظرة فاحصة على الصفقة الخضراء الجديدة والخطط الأخرى الرامية لتحقيق مستقبل أكثر استدامة، الإقرار الصريح بالحقيقة التي يتهرب منها كثير من الناس، وهي أن الطاقة الشمسية هي مستقبل الكهرباء. بفضل بساطة التركيب والصيانة وعدم وجود اضطرابات بيئية -حيث لا توجد حاجة إلى سدود أو توربينات أو رافعات أو آبار- تمثل الطاقة الشمسية أفضل خيار لاستبدال الطاقة التي تدمر الغلاف الجوي بالطاقة التي تستمد بأمان من السماء. فالشمس لا تنضب أبدا، وطالما أمكن بناء الألواح الشمسية فسنوفر مساحة لها فوق المنازل أو في الحقول المفتوحة أو على قمم ناطحات السحاب.
ومن ثم فإن الصفقة الخضراء الجديدة والمشاريع المماثلة تحمل كثيرا من الأمل. وحاليا نمر بمرحلة فريدة في التاريخ نستعد فيها لخوض معركة الخير لضمان بقاء كوكب الأرض. حيث يوضح أحدث تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتغير المناخي أنه لا توجد سابقة لهذه اللحظة في تاريخ البشرية، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لتغيير الظروف القائمة فسننتهي جميعا، وتصبح تلك نهاية قصة البشرية. ونحن مدينون لأنفسنا ولأطفالنا وللأجيال اللاحقة بالانضمام إلى ركاب الطاقة النظيفة، وضمان المستقبل القائم على الطاقة الشمسية.
والوضع الحالي هو أن "الصفقة الخضراء الجديدة" ليست سوى مشروع خطة مستقبلية للتغلب على تغير المناخ وضمان بقاء الكوكب. لكن لا يمكن أخذ أي خطة، سواء كانت حدسية أو مادية لا تشمل الطاقة الشمسية على محمل الجد في هذه المرحلة. ومن الدخول في مجالات شحن الأجهزة الشخصية إلى أنشطة التحليق حول العالم، تمثل الألواح الشمسية شعار مستقبلنا القائم على الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث تعطينا هذه الألواح أكثر من مجرد طاقة نظيفة.
ومن العناصر الرئيسة للصفقة الخضراء الجديدة التي لا يمكن تجاهلها أيضا: الوعد بتوفير فرص عمل مجدية كجزء من التحول نحو الاستدامة. حيث إنه لبناء جميع مصادر الطاقة الجديدة سواء كانت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو الطاقة الكهرومائية أو غيرها، فإن العمالة المجدة والمجتهدة ستدعى للمساهمة بقدراتها.
ويبدو أن جميع العلماء والخبراء يتفقون على أن التركيبات الشمسية هي صناعة سريعة النمو تعمل على تشغيل الآلاف، ما يعود بالنفع على الملايين في نهاية المطاف. وقد نمت الوظائف في الولايات المتحدة في مجال الطاقة الشمسية بنسبة 168 في المائة منذ عام 2010، وسترفع الخطة المدروسة التي تدرك الإمكانات الكامنة لإنقاذ العالم عدد هؤلاء العمال إلى آفاق أبعد بكثير، حيث إن أي خطة لا تتضمن إيجاد كثير من الوظائف هي خطة يمكن تجاهلها دون تخوف.
وربما مثلت صفقة روزفلت الجديدة المبادرة الأكثر طموحا في تاريخ الولايات المتحدة، وكانت تهدف إلى إنقاذ الناس من الخراب المالي. وعلى الرغم من أن الكساد العظيم لم يكن تهديدا بسيطا، لكنه يبدو مشابها تماما لظروف اليوم. ولهذا السبب تمت تسمية "الصفقة الخضراء الجديدة" بذلك لأنها تشبه صفقة روزفلت إلى حد كبير في السعي لإحداث تحول كبير في المواقف والعادات، فضلا عن توفير العمل للمحتاجين للحفاظ على سلامة الجميع من العاصفة المتربصة.
ولم يعد الوقت مناسبا للمراوغة والتردد، وإذا لم نتحرك قريبا فجميع مكتسبات الشعوب من الممكن أن تتسلل من قبضتها. ومن المطمئن وجود خطط طموحة قائمة، ومن المريح تشكيل الطاقة الشمسية لجانب أساسي من المقترحات المقدمة لجعل العالم مكانا أفضل. ويعد نشر مجموعة من الألواح الشمسية على سطح كل مبنى مجرد بداية من أجل إدخال تغيير حقيقي في مساعي الحفاظ على العمالة المجدة المجتهدة، مع ضمان مستقبل نظيف للجيل المقبل. إن الطاقة الشمسية هي الأساس لبناء عالم أفضل قبل فوات الأوان.

إنشرها