FINANCIAL TIMES

بعد كامبراد.. عاصفة لوف تجتاح «إنتر إيكيا» بهدف التغيير

بعد كامبراد.. عاصفة لوف تجتاح «إنتر إيكيا» بهدف التغيير

بعد كامبراد.. عاصفة لوف تجتاح «إنتر إيكيا» بهدف التغيير

كان من المفترض ألا تكون لعوامل التنافس الداخلية، في مسعى تحقيق مكاسب شخصية أي دور يذكر على الإطلاق، في الشبكة المترامية للشركات التي تشكل أكبر متجر تجزئة للأثاث في العالم.
على أنه عندما استحوذت مجموعة إنتر أيكيا، المالكة غير المعروفة للعلامة التجارية على مجموعة المنتجات والتصميم وأعمال التصنيع في عام 2016 من شقيقتها الشركة الأكثر شهرة أي أيكيا، ذهل توربيورن لوف من الاقتتال الداخلي داخل الشركة.
يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة إنتر أيكيا: "في خضم كل شيء، رأينا أيضا قليلا مما نسميه سلوك التنافس والمكاسب الشخصية في الشركة. في البداية، فاجأني ذلك. عندما تعمل في شركة أيكيا، لا تعرف كيفية التعامل مع ذلك، لأن هذا كان شيئا جديدا".
لوف، البالغ من العمر 53 عاما، يدير نظام امتياز يقرر كل شيء بدءا من أنواع المنتجات المعروضة وكيف تبدو المتاجر، إلى الكتالوجات المشهورة وتصميم قطع الأثاث الجاهزة للتجميع.
على أنه بدلا من استخدام سلطته ونفوذه الجديدين، يتخذ لوف نهجا مختلفا.
ويضيف في مقابلة في متجر في ألمهولت، البلدة السويدية الجنوبية التي كانت مسقط رأس شركة أيكيا قبل 76 عاما: "بالطبع، من السهل على طرف مثلنا استحوذ على الموارد أن يستحوذ على النفوذ. يجب أن تفهم وتحترم الشريك الذي ستعقد معه الصفقة: عليك أن تقول ما هي احتياجاتك وما هي وجهة نظرك حول هذا؟ عليك أن تضع نفسك ذهنيا في مكانهم".
نشأ لوف في قرية بياتيرد القريبة، وعمل في شركة أيكيا لمدة 30 عاما في أدوار مختلفة تراوح من موظف مشتريات ومدير في إيطاليا، إلى رئيس شركة أيكيا السويد، التي تقع في قلب إمبراطورية تتولى تصميم منتجاتها، ضمن صفقة عام 2016.
عملية الاستحواذ المذكورة – التي اكتملت بعد عام من توليه منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة إنتر أيكيا – كانت إلى حد كبير تهدف إلى مساعدة الشركة على التعامل مع القوى الخارجية، التي تؤثر في الشركة إلى جانب متاجر التجزئة الأخرى: بالذات العاملة في التسوق عبر الإنترنت، في ظل انخفاض الإقبال على المتاجر العضوية، ربما لتوسع المدن.
يعمل لوف الآن على هندسة التحول الأكبر في شركة أيكيا من خلال تغيير نموذج أعمالها الشهير، الذي حقق لها كثيرا من النجاح.
وجود مستودعات ضخمة خارج المدن تتيح للمتسوقين لاختيار الأثاث قبل تثبيته في المنزل، أسلوب دَعمَ الربحية القوية في شركة أيكيا على مدى سبعة عقود.
إلا أن الشركة تتطلع الآن بشكل متزايد إلى متاجر وسط المدينة، والتسوق عبر الإنترنت، والتسليم والتجميع المنزلي، وأفكار أكثر تطرفا مثل تأجير الأثاث والبيع على مواقع إلكترونية مثل علي بابا.
يقول لوف إن تحديا مثل هذا الوضع الراهن الناجح هو أمر صعب، خاصة وأن الشركة لا تملك جميع الإجابات حول كيف سيبدو المشهد الجديد لتجارة التجزئة.
"عليك إشراك الناس في جزء ’لماذا‘، لماذا نفعل ذلك، وأيضا حشد الناس للحصول على الطاقة بكونهم جزءا من هذه الرحلة، وعدم رؤية الأمر بأنه ’هنا لدينا إجابة، حسنا، الآن أعرف ماذا سأفعل‘".
ويضيف" فعليا عليك أن تكون جزءا من هذه الرحلة معنا". ويعترف أن الشركة لم تركز بما فيه الكفاية على "لماذا" في البداية، حيث كانت تفضل القيام بالأشياء قبل أن تدرك أنها بحاجة إلى إجراء مزيد من الاتصال.
"حرصنا على أن تكون الرؤية والهدف واضحين جدا. عدم قضاء كثير من الوقت على ما يكون في بعض الأحيان في منتصف الأشياء – كل الاستراتيجيات والخطط، وكل هذا كان يجب أن يكون في وقت لاحق" حسبما أشار.
اجتماعات جميع قادة الشركة كانت تعقد عدة مرات في العام، وسمح للجميع بإبداء رأيهم حول كيفية أعمالهم بدلا من وجود "عرض توضيحي رائع يقول إننا حصلنا على الإجابات".
لوف يرى أنه كان من المهم وضع تواريخ حول متى سيتم اتخاذ قرار بشأن شيء ما، حتى لو كان من غير المؤكد ما إذا كان الحل نهائيا.
كرئيس تنفيذي كان يفوض العمل، يرى الآن أنه أصبح من الضروري أيضا بالنسبة له دراسة جميع المقترحات بنفسه، ليبقى على اطلاع على كل التفاصيل.
القيام بعملية الدمج وتغيير نموذج الأعمال والتعامل مع التراجع، ومن ثم وفاة المؤسس إنجفار كامبراد كان ما يدعوه "عاصفة مثالية".
يقول إنه يفتقد كامبراد، الذي أسس مجموعة أيكيا وهو بعمر 17 عاما، ونصائحه. يتذكر لوف واحدة من المرات الأخيرة التي رآه فيها، مع بعض مديري مجموعة إيكيا الآخرين.
قال كامبراد إن من المهم أن تكون موجودا على المدى الطويل و"التفكير في أين ينبغي أن نكون بعد 200 عام؟" ابتسم المديرون من مبالغته وسألوه عما إذا كان هذا كثيرا. قال: "نعم، بالطبع، لكن من ناحية أخرى أنت تضع الخطة قصيرة الأمد: هذا يعني الأعوام المائة التالية".
يقول رئيس مجموعة إنتر إيكيا إن واحدة من أصعب المهام هي تشجيع ريادة الأعمال التي ميزت الأيام الأولى للشركة.
ويعترف أن فترة النمو على مدى عقد من الزمن في أوائل هذا القرن أعاقت الإبداع في مجموعة أيكيا، ويتذكر أنه ذهب لرؤية كامبراد قبل بضعة أعوام عندما توقف نمو المبيعات فجأة: "كنت قلقا بعض الشيء. قلت لإنجفار: ’المبيعات لا تنمو‘، فنظر إلي وابتسم وقال: ’رائع! أزمة!‘ هناك هذا النوع من الموقف المحب للأزمة، لأن الفرص في الأزمات تكمن في تحدي أن تصبح أكثر إبداعا".
منذ ذلك الحين، اختبرت الشركة المزيد مع أسلوب لوف، أي الموضع الذي يتصادم فيه عالما التسوق المادي والرقمي.
أصدرت تطبيق واقع معزز يسمح لك بتصور كيف سيبدو الأثاث في منزلك، فضلا عن مطبخ الواقع الافتراضي في بعض المتاجر للسماح للزبائن باختبار الإعدادات على الفور.
التحول لم يكن بدون أخطاء. كان لوف مبكرا في تأييد تصميم جديد للمتاجر ونقاط الاستلام والطلب، المصممة لأماكن مثل جزر الكناري حيث لا تقوم أيكيا ببناء مستودع كامل.
بعد أن نجح هذا التصميم في المناطق البعيدة، سرعان ما جلبته إلى مدن أكبر في بلدان مثل المملكة المتحدة، حيث لم يحظ بشعبية لدى الزبائن بسبب التكاليف الإضافية وعدم عرض مجموعة المنتجات الكاملة.
من هذا المنطلق، يقول لوف إن الشركة أدركت أنها بحاجة إلى أحجام متاجر مختلفة – لذلك طورت مستودعات مساحتها خمسة آلاف وعشرة آلاف متر مربع (تبلغ مساحة متجر ألمهولت 35 ألف متر مربع)، تحتوي على معظم المنتجات، مع مخزون أقل بكثير من المستودع التقليدي.
وفي هذا الصدد يقول إن مجموعة إيكيا ستجري عددا كبيرا للغاية من التجارب في الأعوام القليلة المقبلة: "حتى إذا كنا أفضل المخططين، إلا أننا نعين الآن محللي أعمال بارعين، وأفضل خبراء الاستراتيجية، واعتقد أننا لننجح، علينا أن نكون أسرع المتعلمين، وأن نجرؤ على اختبار الأشياء وارتكاب الأخطاء، وأيضا تصحيحها مرة أخرى، لاحقا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES