default Author

نقطة الغليان .. إشكالية مناخية «2»

|


من المتوقع أن يزداد الاعتماد على الفحم، فوفقا لتقرير صادر في آذار (مارس) 2018 عن مجموعات بيئية، منها نادي سييرا وجرين بيس، تصنف فيتنام كثالث أكبر بلدان العالم بعد الصين والهند من حيث قدرتها على توليد الطاقة من الفحم كما تسعى جاهدة إلى تنمية قدرتها في هذا الصدد. وتأتي إندونيسيا والفلبين في المرتبتين الخامسة والعاشرة على الترتيب.

اندثار الغابات
إزالة الغابات مصدر رئيس آخر للاحتباس الحراري. ففي إندونيسيا وماليزيا موطن أكبر الغابات في العالم، يتم قطع الأشجار لإفساح المجال أمام المزارع اللازمة لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان وأمام إنتاج لب الورق والورق وزيت النخيل، اللاتي تعد مصادر كبيرة لإيرادات التصدير. وتتسبب إزالة الغابات فيما يقرب من نصف انبعاثات إندونيسيا، أي أكثر من الوقود الأحفوري رغم اقترابه بسرعة من هذا المستوى.
وتشكل إزالة الغابات في الأراضي الخثية ومستنقعات الخث مشكلات إضافية. فتجفيف مستنقعات الخث يطلق آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون المحصور في كل هكتار من التربة. وتتفاقم المشكلة عندما يحرق المزارعون الخث الجاف، ما يؤدي إلى إطلاق الغاز بسرعة أكبر. وقد أدى الدخان الناتج عن هذه الحرائق إلى اختناق سنغافورة وماليزيا المجاورتين مرارا وتكرارا منذ عام 1997؛ ووفقا لوكالة رويترز فقد تجاوزت الانبعاثات الناتجة عن آخر حريق في عام 2015 تلك الناتجة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله. وتسهم سرعة النمو الاقتصادي والتحضر في التغير المناخي وتضخيم تأثيره أيضا. فالمهاجرون من المناطق الريفية يتدفقون إلى المدن، ما يؤدي إلى انبعاث قدر أكبر من الحرارة. وتؤدي الإنشاءات الجديدة في السهول الفيضية إلى سد الممرات المائية، ما يجعل المدن أكثر عرضة للفيضانات. وكلما ازداد نمو المدن، تضخمت الأضرار الناجمة عن الفيضانات والعواصف التي تتكرر بشكل متزايد. ويقول مارسيل مارشاند، خبير إدارة مخاطر الفيضانات المقيم في هانوي: "يجب فهم تأثير التغير المناخي، الموجود بالتأكيد، والتنمية الاقتصادية، والنمو السكاني. فتأثير الفيضان أو العاصفة الآن أكبر بشكل عام من أي وقت مضى. ولا يرجع ذلك فقط إلى زيادة المخاطر، أو زيادة حدتها، بل أيضا إلى زيادة أعداد السكان، وزيادة حجم المدن". ويقدم مارشاند المشورة بشأن مشروع ممول دوليا بقيمة 70 مليون دولار: سيعطي إنذارا بالفيضانات في وقت أنسب للمقيمين في هوي آن. وهو يعزو الفيضانات جزئيا إلى إنشاء خزانات في مناطق تجمعات المياه عند المنبع، ما أدى إلى تغير تدفقات النهر. وأصبحت الخزانات مغمورة نتيجة ظواهر الأمطار المتطرفة، وأطلقت المياه الزائدة فيضانات في اتجاه مجرى النهر في هوي آن وبالقرب من دا نانج.
وقد شهدت المدينتان نموا سريعا حيث تجتذب الطفرة السياحية المهاجرين الباحثين عن عمل. ومنذ عقد مضى، كانت دا نانج، رابع أكبر مدينة في فيتنام، مجرد منتجع فاخر. وهي الآن تضم ما يقرب من 90 فندقا من فئة أربع وخمس نجوم، ينتشر كثير منها على الطريق الساحلي الممتد بطول 30 كيلو مترا إلى هوي آن. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، يؤدي تدفق العمال إلى تضخم عدد السكان في دا نانج، الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 1.65 مليون نسمة بحلول عام 2020 مقابل مليون نسمة اليوم. وفي حين أن السياحة توجد فرص العمل، فإن تطوير البنية التحتية ذات الصلة يسهم أيضا بصورة غير مباشرة في تآكل السواحل الذي يجعل المنطقة أكثر عرضة لزيادة حدة العواصف وارتفاع مستويات سطح البحر. ووفقا لتقرير أعدته لجنة سكان مقاطعة كوانج نام، انحسر الخط الساحلي على طول شاطئ كوا داي الشهير في هوي آن بمقدار 150 مترا في السنوات من 2004 إلى 2012. وقد أصبحت جدران الفيضانات وأكياس الرمال مؤذية لعين الوافدين لقضاء إجازاتهم. ويقول فونج تران، خبير تقني في المعهد الدولي للتحول الاجتماعي والبيئي الذي يعمل مع عدة مدن في فيتنام لتعزيز القدرة على تحمل تغير المناخ: "في العقدين الأخيرين تغير نمط سقوط الأمطار وزادت كمياتها بشكل ملحوظ".

نوبات الجفاف
يعرب فونج عن قلقه من أن يؤدي ارتفاع مستويات سطح البحر، إلى جانب نوبات الجفاف الممتدة، إلى تسرب الملوحة والإضرار بالزراعة في دلتا ميكونج الخصبة، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. فوفقا لبنك التنمية الآسيوي الذي يقع مقره في مانيلا، تعد الدلتا بمنزلة وعاء الطعام في فيتنام، حيث تنتج أكثر من نصف إنتاج البلد من الأرز والمواد الغذائية الأخرى وأكثر من 60 في المائة من الجمبري. ويعيش نحو 70 في المائة من سكان فيتنام على ساحلها الذي يبلغ طوله 3200 كيلو متر وفي الدلتا المنخفضة. وهناك بلدان أخرى في جنوب شرقي آسيا عرضة لمخاطر مماثلة. فلدى إندونيسيا أحد أطول سواحل العالم إذ يبلغ طوله 54700 كيلو متر. وفي الفلبين، التي يبلغ طول ساحلها 36300 كيلو متر، يصل 20 إعصارا في المتوسط إلى اليابسة سنويا بقدرة تدميرية متزايدة. كذلك تتأثر كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وتايلاند بعواصف وأمطار غزيرة، فضلا عن موجات الحر الشديدة التي تؤثر سلبا في الزراعة وصحة الإنسان ... يتبع.

إنشرها