Author

السوق المالية وتدفق الأموال الأجنبية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


في تقرير لصحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 11 شباط (فبراير) 2019 تحدث عن نسبة الزيادة في مشتريات الأجانب خلال الأسابيع الستة الماضية حيث جاء في التقرير: "إن المشتريات الصافية خلال الأسابيع الستة الأخيرة، جاءت بعد تنفيذ مشتريات أجنبية بـ10.4 مليار ريال مقابل مبيعات بنحو خمسة مليارات ريال. وسجل الأجانب مشتريات صافية بقيمة 921 مليون ريال بنهاية اليوم السابع لشهر شباط (فبراير) 2019. وجاء صافي الشراء للفترة الماضية بعد مشتريات أجنبية بـ1.84 مليار ريال، مقابل مبيعات بـ915 مليون ريال. تأتي مشتريات المستثمرين الأجانب استباقا لبدء ترقية السوق السعودية لمؤشرات الأسواق الناشئة، بدءا من آذار (مارس) 2019. وتجاوزت حصة المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودية الـ100 مليار ريال بنهاية الفترة الماضية المنتهية في السابع من شهر شباط (فبراير) الجاري، حيث بلغت 100.8 مليار ريال، تشكل 4.94 في المائة من قيمة السوق البالغة 2.04 تريليون ريال في التاريخ ذاته".
المستثمر الأجنبي يعد طرفا محايدا في تقييم السوق إذ إن خياراته لا تقتصر على بلد واحد في العالم بل إنه يبحث عن أفضل الفرص الموجودة، وارتفاع حصص المستثمرين الأجانب في السوق مؤشر على تحسن أداء السوق المالية في المملكة ووجود فرص جيدة منافسة عالميا، والسوق المالية في المملكة أصبحت أكثر جذبا لتدفق رؤوس الأموال خصوصا أنها أصبحت ضمن مجموعة من المؤشرات العالمية التي تجعلها أكثر شفافية والتزاما بالحوكمة.
تدفق الاستثمار الأجنبي بصورة عامة وزيادة الاهتمام بالسوق المالية مؤشران إيجابيان للاقتصاد وهو ما يفسر الارتفاعات التي تحققت للسوق خلال الفترة الماضية، وتدفق الأموال على السوق المالية يشجع لاحقا على تدفق الاستثمارات المباشرة إذ إن الثقة بالسوق أصبحت أكبر والفرصة قائمة لاقتناص الفرص خصوصا أن مجموعة من الشركات في السوق خصوصا الكبرى تحقق نتائج جيدة ونتائجها تميل غالبا إلى الاستقرار والنمو.
لا بد من الإشارة إلى أن السوق المالية اليوم أصبحت أكثر تنوعا فلم تقتصر جاذبيتها على سوق الأسهم فقط بل إن سوق الدين خصوصا الصكوك جاذبة أيضا بمجموعة من إصداراتها خصوصا الحكومية، إضافة إلى الصناديق الاستثمارية المتنوعة والصناديق العقارية "الريت" التي أصبحت عوائدها جيدة بعد انخفاض أسعارها حاليا. وهذا التنوع في السوق يجعل خيارات المستثمر متعددة ويمكنه أن يحقق من خلالها نوعا من التنوع في الاستثمار، كما أن النظام المالي في المملكة الذي يسهل عملية دخول وخروج الأموال والاستقرار في سعر الريال وارتباط سعر الدولار يعد مطمئنا للمستثمرين سواء في السوق المالية أو غيرها من الاستثمارات.
مع النمو الذي حققته السوق المالية خصوصا الأسهم وزيادة الثقة بها من قبل المستثمرين، هل من الممكن أن تشهد السوق مزيدا من الإصدارات؟ حيث إن التوجه الحكومي اليومي يميل إلى التخصيص في مجموعة من الممتلكات الحكومية لتحسين أدائها وتنويع مصادر الدخل، حيث إن التحسن في المؤشرات العامة للاقتصاد يعزز من فرص تدفق الأموال على الاستثمارات الجيدة، كما أنه يشجع المستثمرين خصوصا من الأفراد على الاكتتاب في تلك الشركات الجديدة التي غالبا ستكون جيدة وتحقق عائدا مناسبا على غرار مجموعة من الشركات الحكومية التي تم تخصيصها خلال الفترة الماضية.
كما أن من المهم النظر إلى مسألة مشاركة الأفراد في بعض الخيارات الاستثمارية خصوصا الصكوك التي ما زالت بوضعها الحالي غير متاحة بشكل ميسر للأفراد لارتفاع سعر الوحدة منها إضافة إلى ضعف معرفة الأفراد بالاستثمار من خلال الصكوك وعدم ميلهم إلى الاستثمارات منخفضة المخاطر أو حتى متوسطة المخاطر، وهذا يزيد احتمال تآكل ثرواتهم بالاستثمار دون وعي في استثمارات مخاطرها عالية.
الخلاصة: إن السوق المالية اليوم تشهد نموا جيدا على مستوى المؤشرات أو من خلال دخولها ضمن المؤشرات العالمية أو خلال تدفق أموال الأجانب إلى السوق خلال الفترة القصيرة الماضية وزيادة حصتهم في السوق، ومن هنا تأتي أهمية النظر إلى العمل على مزيد من الإصدارات التي يمكن أن تزيد من جاذبية السوق خصوصا مع التوجه الحكومي للتخصيص لتنويع مصادر الدخل وتعزيز كفاءة القطاعات الحكومية المؤهلة للتخصيص، ومما يزيد فرص الاستثمار في الشركات التي يمكن أن تحقق عائدا للمستثمرين خصوصا: الأفراد باعتبار أن طرح تلك الشركات سيبدأ باكتتاب عام يشارك فيه المواطن.

إنشرها