Author

كشف أسرار الاستثمارات البيئية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


خلال العقود الثلاثة المقبلة ستكون الأرض موطنا لتسعة مليارات إنسان، وسيشكل هذا الأمر ضغطا على الموارد الطبيعية والبيئية؛ ما سيجعل الأنظمة الاقتصادية تعمل بطرق مختلفة من أجل التحكم في الاستهلاك وعمليات الإنتاج لمنع تبديد الموارد أو انعدام الكفاءة الاقتصادية ضمن إطار تنظيمي وتشريعي يختلف من بلد إلى بلد بحسب التأثر البيئي الناتج من النمو الاقتصادي.
التفكير في أنظمة اقتصادية متكاملة أمر حتمي من أجل الاستدامة، وستشكل الاستثمارات البيئية اتجاها جديدا ومربحا مع التقدم في النمو البشري وتحقيق معدلات نمو اقتصادية أكبر مع ارتفاع مستويات دخل الأفراد.
الاستثمار في المشاريع التي تعالج مشكلات البيئة بشكل كلي أو جزئي سيكون مربحا استثماريا؛ لأن معظم الحكومات حول العالم ستزيد الإعفاءات اللازمة للمشاريع المتعلقة بالبيئة، إضافة إلى أن حصص الدعم المادي ستكون أكبر مع كل موجة نمو اقتصادي عالمية، على سبيل المثال كما يحصل حاليا في استثمارات الطاقة المتجددة، إما لتعويض الغلاء الناتج من ندرة وتصاعد أسعار الموارد الطبيعية الناضبة أو لمعالجة الاختلال الناتج من العمليات الصناعية والتعدين أو لضعف الكفاءة الاقتصادية لبعض القطاعات التي تعاني تدهورا قد يؤدي إلى فشل أسواق تلك القطاعات لأسباب بيئية.
ولعل من أهم نتائج سباق الاستثمار في المشاريع البيئية زيادة معدلات الابتكار وتطور التقنيات على مستوى تحسين الكفاءة والاستدامة الاقتصادية، وتعد الإمارات من أكثر دول المنطقة استثمارا في المجال البيئي، وتعد مدينة مصدر نموذجا استشرافيا للوضع الاقتصادي في المستقبل، ولا سيما أن بناء مدينة متخصصة وفق إطار نظري استشرافي أمر في غاية التحدي على المستوى الاستثماري.
لن يكون الاستثمار البيئي أمرا استثماريا فقط، بل أتوقع أنه سيكون على طاولة السياسة بهدف حل أزمات اقتصادية لدى الدول النامية، وبشكل خاص على مستوى الماء، كتحلية المياه ومعالجتها وإعادة استخدامها. أما على مستوى الغذاء فسيكون للاستثمار البيئي دور كبير في تحسين الإنتاج عن طريق أساليب مائية أو غير مائية، كما يحصل في اليابان وعدد من الدول التي نجحت في الاستزراع السمكي والروبيان والمزروعات المائية.
جميع أشكال التدوير تعد فرصا استثمارية ذات عوائد عالية جدا في الدول النامية، إضافة إلى إمكانية مساهمة مشاريع صغيرة ومتوسطة في الاقتصادي الدائري Economy Circular وتشير التقديرات إلى أن هذا النوع سيوفر 138 مليار دولار في دول الخليج العربي و1.8 تريليون يورو في أوروبا بحلول 2030.
أعتقد أن الاستدامة والنمو الاقتصادي وتحسن مستويات الرفاهية للشعوب تتطلب أن يكون هناك سلسلة من الإجراءات الحكومية التنظيمية والتحفيزية لكشف أسرار الاستثمار البيئي بمفهومه الواسع، ولا سيما أن كثيرا من المستثمرين غير مدركين حجم الفرص الاستثمارية في هذا النوع من الاستثمارات التي تحول الطين إلى ذهب.

إنشرها