default Author

حين يختفي القمر

|


القمر رفيقنا الدائم على الأرض، حرمتنا الأضواء الصناعية نوره، ولكن لم تحرمنا دوره في حياتنا؛ فهو مرتبط بالإنسان منذ وجوده على الأرض، ويلعب دورا كبيرا في الطبيعة وتطور الحياة، لكن ماذا لو اختفى القمر، ولم يعد له وجود؟ ماذا سيحدث لنا وللأرض؟ هل نستطيع أن نعيش بدونه؟
لا نعرف قيمة الأشياء إلا عندما نخسرها، نراه في السماء، قد نلوح له، نحدثه، نناجيه، يلهمنا لتتحول حروفنا إلى أشعار نعبر عن مكنونات أنفسنا بمناجاته، ثم نمضي في حياتنا دون أن نفكر في أهمية وجوده!
بمجرد أن يختفي القمر أول ما سنلاحظ أن الليل أصبح أشد ظلمة، خصوصا في الأماكن غير المضاءة اصطناعيا. سيربك ذلك الحيوانات التي تعتمد عليه في رؤيتها الليلية لتبقى على قيد الحياة لتجد دربها وتصطاد فرائسها، سيمنح اختفاؤه الأمان لبعض الحيوانات التي تستتر عن صياديها بالظلمة، ستخرج وتمرح وتتكاثر؛ ما يخل بتوازن الطبيعة، كما تقول عالمة البيئة "لورا برو" والمؤلفة الرئيسة لدراسة اختفاء القمر! وستختل فورا ظاهرة المد والجزر الناشئة عن جاذبية القمر والشمس، ولكن القمر يعد المسؤول عن معظم نشاط المد والجزر على كوكب الأرض، وذلك لكونه أقرب بكثير من الشمس. فدون وجود القمر ستتباطأ سرعة هذه الظاهرة إلا الثلث؛ ما سيتسبب في تغيير البيئة الساحلية وتدمير عديد منها، واضطراب تدفق الطاقة والمياه والمواد المعدنية، فكثير من الكائنات البحرية مثل السرطانات والقشريات والمحار والطحالب تعتمد في بقائها على حركة المياه اليومية، كما أنها غذاء للطيور والحيوانات البرية!
سيتأثر الطقس العالمي باختلال عملية المد والجزر التي تحرك تيارات المحيطات وتغير أنماط الطقس وتوزيع المياه وهطول الأمطار. يقول "جاك بيرنز" رئيس علوم الفضاء في جامعة كولورادو: إن جاذبية القمر لا تحرك مياه المحيطات وحسب، بل تحرك جزيئات الغلاف الجوي بالطريقة نفسها!
إنها أحد الأسباب الرئيسة في استقرار المناخ، لذلك عندما يبحث العلماء عن قابلية أي كوكب لوجود حياة عليه يبحثون عن قمرها أو أقمارها! ستزيد الفروقات في درجات الحرارة ويختل عدد ساعات الليل والنهار، ويصبح مناخ الأرض شبيها بالمريخ وتختفي الفصول الأربعة!
أما البشر فسيخسرون بفقده مصدر إلهامهم ومعلوماتهم العلمية، فهو الذي منحنا معلومات عن كوكبنا والكواكب الأخرى مثل كيفية انقراض الديناصورات والكيفية التي تشكلت بها الكواكب!

إنشرها