Author

التوطين في التصنيع العسكري

|

يشكل التوطين محورا عالي الأهمية ضمن المخططات التنموية السعودية. وقد رصدت القيادة العليا كل الإمكانيات اللازمة لتحقيق المستوى المستهدف في هذا المجال، بما في ذلك توفير أعلى معايير الجودة في مجالات التأهيل والتدريب والتعليم. وأظهرت المشاريع العديدة المشتركة التي أقامتها المملكة هذا الجانب، ومنحت الأولوية للتوطين الذي تعده من أهم الثروات الوطنية. فـ"رؤية المملكة 2030" وفرت كل التسهيلات الممكنة لتحقيق هدف التوطين، وهي تمضي قدما في هذا المجال، ما أدى - كما هو معروف - إلى ارتفاع عدد السعوديين العاملين في مختلف القطاعات الحيوية وغيرها، بينما قامت بتوطين كامل لقطاعات بعينها في المرحلة الماضية. وهذا قاد إلى تخفيف نسب العمالة الوافدة بصورة كبيرة في الأعوام القليلة الماضية.
والمملكة دخلت ضمن نطاقات مشتركة في صناعات متعددة، بما في ذلك الصناعات العسكرية، وهذه الأخيرة تشهد تطورا ملحوظا، ولا سيما في سياق ما توفره "رؤية المملكة 2030" من مفاهيم متطورة ومرنة لمثل هذه الشراكات. وعلى هذا الأساس، تعمل الرياض حاليا على توطين نسب محددة في الصناعات العسكرية تمهيدا لقفزات أخرى جديدة في المستقبل. وتندرج مذكرة التفاهم بين شركة نورثروب جرومان الأمريكية والشركة السعودية للصناعات العسكرية ضمن هذا النطاق، لأنها تختص بإيجاد وبحث فرص توطين الصناعات العسكرية خلال العام الجاري. وهذا يعني أن الفترة قصيرة بالفعل للوصول إلى الهدف الرئيس، وهو توطين قطاع حيوي ومحوري ووطني، وأيضا حساس في طبيعته.
وبالطبع لن يتم هذا إلا من خلال إيجاد شراكات جديدة لدعم فرص التوطين المشار إليها، وهي في الواقع حاضرة بصور مختلفة. وتوفر التشريعات التي جاءت ضمن "رؤية المملكة 2030" الأجواء الملائمة لتكوين الشراكات في الصناعات المحلية العسكرية. وهذا المجال مفتوح للجهات التي ترغب حقا في أن يكون لها دور في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد. وتشجع المعايير الاقتصادية الحالية رجال الأعمال والمستثمرين لخوض غمار هذا القطاع الاستراتيجي المهم، خصوصا أنه يوفر فرصا كبيرة وعوائد مجزية على المديين المتوسط والبعيد. يضاف إلى ذلك أنه يتيح بصورة مختلفة المساهمة في تحقيق أهداف التوطين بما يتناسب مع أهداف كل الأطراف، فالصناعات العسكرية تبقى ميدانا يزخر بالفرص.
وبرنامج تنمية الصناعة والمحتوى المحلي مثل الطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية، والصادرات والتعدين، والطاقة وميزان المدفوعات والتقنية، والمجال الروبوتي، وغير ذلك من مجالات، هو بحد ذاته برنامج يزخر بالفرص المتاحة، ويسهم في عملية البناء الاستراتيجية التي تجري في البلاد، في ظل تطوير لا يتوقف في مجال الخدمات اللوجستية ودعم الصادرات والبنية التحتية. وهو برنامج يهدف أيضا، إلى أن تصبح السعودية منصة صناعية لوجستية مميزة، مستفيدة من قدراتها الخاصة، ومن موقعها الجغرافي الاستراتيجي المهم. وعلى هذا الأساس، فإن الخطوات الخاصة بعمليات التوطين ستسهم في تعزيز الحراك الاقتصادي العام، وتضع قطاع الصناعات العسكرية في مراحل مقبلة في أيد وطنية خالصة، مع الاحتفاظ بمستويات الجودة والعوائد المالية المستهدفة. فاليوم، يصل عدد المصانع المكملة والمساعدة لشركات التصنيع العسكري في السعودية إلى نحو 100 مصنع، مع توقعات عملية بارتفاع عددها في المرحلة المقبلة. إنها عملية متكاملة تضاف إلى عمليات تمضي قدما في قطاعات أخرى متعددة، من أجل استكمال بناء اقتصادي يحاكي المستقبل بأعلى مستويات الجودة.

إنشرها