التفكير المرن لاتخاذ القرارات «2»

نحن بحاجة إلى تعديل سبل تفكيرنا من أجل مواجهة العالم المتغير بسرعة من حولنا. وكما قال أينشتاين، "إن نوعا جديدا من التفكير أمر ضروري إذا أرادت البشرية النجاة والارتقاء نحو مستويات أعلى". وبالتأكيد، نحن ندرك أننا أحرار في التفكير فيما نريد، ولكن عملية اختيار كيف نفكر في شيء ما هي أمر صعب. وعلى الأغلب نؤمن أن هناك طريقة واحدة للتفكير في الأمر، كما في مثالنا السابق عن صاحب المتجر الذي احتسب خمسة دولارات إضافية على حساب أثمن ممتلكاته، "علاقاته بعملائه". وعلى أي حال، هناك أكثر من طريقة واحدة للتفكير في الشيء ذاته.
إن اختيار الطريقة التي نفكر بها بشكل واع، نوع نادر من الحرية التي يتمتع بها بنو البشر، وهم قادرون على تنميتها وتطويرها. إنها طريق للحرية في أبهى وأجمل صورها. هذا وأدعو طلابي أثناء تدريسهم إلى تعلم طرق مختلفة للتفكير، كي يتمكنوا من تنمية حرياتهم وإمكاناتهم. وتجدر الإشارة إلى أن الحرية والإمكانات تأتيان محملتين بالمسؤولية. لذا فأنا أدعوهم إلى التفكير بمرونة في نتائج قراراتهم. وبإمكانهم استخدام هذا الأسلوب للتفكير أكثر، أو أقل، أو التفكير بطريقة أكثر إيثارا لمصالح الآخرين، أو حتى التفكير بطريقة أنانية. وبوسعهم توظيف أسلوب التفكير هذا في بناء فهم أعمق لعالم الأعمال، واكتساب مزيد من المرونة في طريقة تفكيرهم.
لا شك أن هذه تعد إحدى أبرز المهارات التي يجب على القادة تعلمها في هذا العصر. إن القدرة على تفهم وجهات النظر المختلفة تسهم في توقع ردود أفعال العملاء، وتقييم المخاطر الأخلاقية المرتبطة باتخاذ القرارات المختلفة. كما تعد ذات أهمية عالية في الحصول على تقييم صادق لكيفية اتساق الخيارات المختلفة مع القيم الأخلاقية للمؤسسة وموظفيها. ويتحتم على رجال الأعمال التدرب على عدم اتخاذ القرارات العمياء، خاصة في الأمور التي تمس القيم الجوهرية لأعمالهم، وينبغي لهم تعلم كيفية اجتناب مصائد التبرير، وأن يفكروا ويحللوا الأمور باستخدام كل الأبعاد الممكنة للقرار قبل اتخاذ أي تصرف ما، وهذا أمرٌ تزداد أهميته عندما يتعلق الشأن بنشاطات الاتصال المؤسسي. فإن كنت مالك المتجر الذي يبيع مجاريف الثلج على سبيل المثال قد يكون الخيار الأفضل لأعمالك هو خفض سعرها بعد حدوث عاصفة ثلجية؛ كم عميلا إضافيا سيزور متجرك نتيجة هذا الخيار؟ وكيف سينعكس هذا الخيار على ثقتهم بأعمالك؟ وكيف ستؤثر هذه الخطوة التي تبرز النيّات الحسنة في مبيعاتكم عموما، حتى عقب انتهاء حالة الطوارئ الثلجية؟ بشكل عام، لا يوجد هناك إجابة قاطعة على أي الخيارين أفضل: رفع الأسعار أم تخفيضها بعد العاصفة الثلجية، لكن يجب ألا يأتي خيارنا كردة فعل فقط، لأن هناك أسبابا مقنعة للتفكير مليا في الاحتمالين المتاحين أمامنا. وبشكل عام، تعد القيادة فنا، تماما كما هي علم، وبالإمكان تعلمها من خلال إيجاد حوار داخلي، لا يقوم خلاله العقل باتخاذ القرار بمفرده، بل يتدخل في هذا الحوار كل من القلب والروح، ليذكرا العقل أن هناك أكثر من طريقة واحدة للتفكير في الأمور.