Author

4 عقود من الخراب الإيراني

|


بعد 40 عاما على ما سمي بـ"الثورة الإيرانية" تتحدث النتائج عن نفسها. وهي ببساطة سلسلة لا تنتهي من الخراب تعيشه إيران من مختلف النواحي، ناهيك من الخراب، الذي ينشره نظام الملالي الإرهابي الطائفي هنا وهناك. قبل أيام قال أبو الحسن بني صدر، أول رئيس إيراني بعد "الثورة": "إن آية الله الخميني خان مبادئ الثورة الإيرانية، بعد أن وصل إلى السلطة". والحق: إن هذه الخيانة صارت استراتيجية نظام الملالي إلى يومنا هذا، ووقع أول ضحاياها الشعب الإيراني نفسه، الذي يعيش أسوأ المراحل في تاريخه على مختلف الأصعدة. ما هو واضح حقا، أن هذا النظام لا يمكنه أن يكون طبيعيا لا مع شعبه، ولا مع جيرانه ولا مع المجتمع الدولي. والعقود الماضية أثبتت هذه الحقيقة، رغم كل الفرص التي منحت لهذا النظام لأن يكون جزءا طبيعيا في المنظومة الدولية ككل.
أربعة عقود جلبت الهموم والأحزان والأوجاع والحاجة والذل إلى حياة الشعب الإيراني. هذا الشعب الذي كان بإمكانه ببساطة أن يمضي قدما في تطوير حياته بما يستحقه من كرامة وعزة، وأن يعيش كغيره من الشعوب يبني بلاده ومجتمعه على أسس إنسانية، ووفق المعايير التي تكفل له علاقات سلمية مع جيرانه والعالم أجمع. هذا الشعب تتمتع بلاده بثروات طبيعية عديدة، وبإمكانات كبيرة تجعله يكرس التنمية والازدهار على مدى سنوات، بما يضمن أيضا مستقبلا واعدا للأجيال المقبلة. الذي حدث، أن النظام الإيراني الذي يحكمه سلب منه كل شيء وحول المسروقات لتنفيذ استراتيجية تخريبية إرهابية دنيئة تشجع كل ما هو ضد الإنسانية، وتحارب حسن الجوار، وتؤسس لأوهام طائفية بغيضة. مسروقات "مأسسة" الإرهاب.
في السنوات الماضية بلغ الحال على الصعيد الاقتصادي في إيران حدا انهارت فيه العملة الوطنية، وارتفعت معدلات البطالة بصورة مخيفة وعجزت المؤسسات حتى عن مواصلة أعمالها، وزاد عدد ما سمي بـ"سكان الكهوف"، وصار الرعب جزءا من الحياة اليومية للإيرانيين. ارتفعت نسب الجريمة، وامتلأت السجون والمعتقلات، وتزايدت أعداد المفقودين مع وصول عدد الذين يعدمهم هذا النظام الإرهابي إلى مستويات تاريخية. كل ذلك يحدث، وهذا النظام يمضي قدما في توسيع رقعة إرهابه وخرابه في الأرجاء عبر تدخلاته في بلدان لا تمتلك معها إيران حتى حدودا قصيرة، نشر فيها نظام الملالي القتل والظلم والتهجير والمعاناة، بل عمل حتى على تغيير المعالم الديموغرافية فيها. حرم شعبه من أجل إرهابه.
لم يفِ نظام الملالي بأي وعد قطعه على نفسه منذ استيلائه على السلطة. صنع لنفسه ولبلاده أعداء في حين أن هؤلاء "الأعداء" أنفسهم تركوا له مساحات واسعة كي يعيد النظر في استراتيجيته العدائية التخريبية. هذا النظام لا يمكنه أن يستمر بلا صناعة أعداء، لماذا؟ كي يسوق مبررات واهية مقيتة، عرف الشعب الإيراني بؤسها قبل غيره، بل عاناها ولا يزال. اليوم تعيش إيران أوقاتا خارج الزمن، بسبب نظام أكلته الأوهام، لكنه خطير جدا على الإيرانيين قبل غيرهم، وعلى الإنسانية كلها. من واجب هذه الأخيرة أن تواصل وقوفها ضد هذا النظام بشتى الوسائل، وهي بذلك تقف عمليا مع الشعب الإيراني. هذه الأخيرة هي التي تدفع ثمنا باهظا على مدار أربعة عقود، كان ينبغي اليوم أن تكون رقما إيجابيا في المجتمع الدولي.

إنشرها