Author

تحقيق الاكتفاء

|

يعد المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات اهتماما بالعسل ونوعياته والتدقيق في مصادره وطرق استخلاصه ومواقعه ونوعيات البيئات التي تنتج العسل. الاهتمام العام بالعسل له مرجعيات مجتمعية أصولها في الأغلب دينية، فالعسل شفاء وورد فيه من الآيات القرآنية الكثير، بل إن للنحل سورة في القرآن وفيها وصف رائع لرحلة استخلاص العسل.
هذا أمر معلوم للجميع، ما لم أعلمه شخصيا وأظنه غائبا عن كثيرين هو حجم الاستهلاك الكبير في المملكة للعسل، فإلى جانب الإنتاج المحلي تقول الإحصائيات إن المملكة استوردت العام الماضي أكثر من 17 ألف طن من العسل بقيمة تجاوزت 290 مليون ريال. هذا الرقم الذي لم أتوقعه جعلني أراجع كثيرا ما نشاهده هذه الأيام من الوجود الكثيف لبائعي العسل في كل مكان، وما يرد على ألسنة كثيرين عن العسل وصفائه وهي أهم قضية بالنسبة لمستخدمي العسل والمهتمين بوجوده اليومي في غذاء الأبناء والأنفس والعلاج المستمر الذي يتبناه كل أبناء البلاد.
بحسبة بسيطة ربطت بين الإحصائيتين المتعلقتين بالسعر والكمية لأجد أن سعر الكيلو الواحد من العسل يعادل 17 ريالا. رقم غريب ولا يمكن أن يصدقه من يهتمون بنقاء العسل الذي يتناولونه للصحة أو للغذاء. ما يباع اليوم بأكثر من 300 ريال من العسل البلدي النقي هو ما أعرفه ويعرفه الأغلبية، فما هي قصة العسل المستورد؟
أميل إلى الاعتقاد أن هناك كثيرا من العسل المغشوش الذي يدخل البلاد، وليس الغش في العسل ذاته وإنما في طريقة تغذية النحل التي تجعله يخرج عسلا كثيرا وفي فترات قصيرة ودون أن يبذل جهدا كبيرا وهو ما يؤثر في القيمة الغذائية للعسل.
لهذا أقترح على المستثمرين العاملين في المجال أن يتجهوا نحو تنويع عمليات إنتاج العسل بطرق أكثر كفاءة من الأساليب الحالية، ولا مانع من أن يتم تصنيف العسل من قبل جهة متخصصة بحيث يكون على مستويات تسمح للجميع بالاستفادة منه حسب قدراتهم المالية. هذا يضمن توفير العسل لأعداد أكبر من الناس ومن مصادر محلية وبعيدا عن الهدر المالي الذي يسببه استيراد الكميات الأقل جودة نفسها التي تستورد من مختلف دول العالم.
بهذه الطريقة نضمن وجود آلية للحكم على الجودة، ونقلل من الاستيراد لمادة ذات أهمية للناس، ونوفر العسل لجميع الطبقات.

إنشرها