Author

نمو الاقتصاد السعودي كان متوقعا

|


جاء نمو الناتج الإجمالي المحلي السعودي في العام الماضي، وفق التوقعات تماما، ولاسيما مع ارتفاع إنتاج المملكة من النفط، وزيادة أسعار هذه السلعة. ويبدو واضحا أن محركات "رؤية المملكة 2030" تعمل وفق الأسس الموضوعة لها. فالسعودية شهدت إقرار أكبر ميزانية عامة بتاريخها، بحيث تجاوزت تريليون ريال، كما أن القطاعات المختلفة تتحرك على أسس استراتيجية بعيدة المدى، ما أسهم في تدعيم الأداء الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي وصول النمو في العام الماضي إلى 2.21 في المائة، وهو الأعلى في ثلاث سنوات. مع الإشارة إلى أن النمو في عام 2016 بلغ 1.67 في المائة، وهو العام الذي تلا في الواقع انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية بصورة كبيرة وتاريخية أيضا.
نمو الاقتصاد السعودي يستند في الواقع إلى سلسلة من المخططات، بعضها تم تنفيذه فعلا، وبعضها الآخر يأخذ مداه الذي حدد له. كما أنه مرتبط أيضا بمدى الجودة في تحقيق النتائج المختلفة في كل القطاعات، يضاف إلى ذلك بالطبع السمعة الائتمانية التي تتمتع بها المملكة، حتى في عز التراجع الكبير لأسعار النفط. فقد أقرت المؤسسات الاقتصادية المستقلة، بأن السعودية استطاعت المحافظة على وضعها التصنيفي، في حين أن دولا نفطية أخرى لم تتمكن من ذلك. وما أسهم في الحفاظ على هذه الثقة بالاقتصاد السعودي، مخرجات "رؤية المملكة" التي تتضمن مسارا تنمويا عالي الجودة، ومتنوعا بما يكفل بناء اقتصادي مختلف عما كان عليه في السابق. فالمشاريع التي تطرح كبيرة ومتنوعة وبعضها جديدة تماما على الساحة.
أدى هذا أيضا، إلى نمو لافت في القطاع غير النفطي في البلاد. وهذا القطاع يمثل محورا رئيسا في البناء الاقتصادي المشار إليه. ففي العام الماضي بلغ الناتج المحلي لهذا القطاع 1.48 تريليون ريال مرتفعا من 1.45 تريليون ريال، ما أضاف 29.7 مليار ريال إلى الناتج الإجمالي. صحيح أن ارتفاع أسعار النفط أسهم في زيادة النمو في 2018، لكن تقدم القطاع غير النفطي بدأ يتكرس عاما بعد عام، مستندا بالطبع إلى مشاريع "الرؤية" الاستراتيجية. وإذا كان ارتفاع مساهمة القطاع غير النفطي محورا لافتا، فإن ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي لا يقل أهمية عن ذلك. لماذا؟ لأن دور هذا القطاع يشكل ركنا أساسيا في المسيرة الاستراتيجية الراهنة.
وقد وفرت المخططات التنموية مساحات واسعة لتحرك القطاع الخاص، بما في ذلك تشجيع لا محدود من قبل القيادة العليا. فكل الساحات الاقتصادية والاستثمارية مفتوحة تقريبا أمام هذا القطاع، ناهيك عن النمو الملحوظ للاستثمارات الأجنبية. وهذه الأخيرة ما كانت لتنمو لولا جودة المخططات التي تنفذها المملكة منذ إطلاق "الرؤية"، وبرنامج التحول المصاحب لها. كل هذا يتم في ظل شفافية اقتصادية عالية المستوى، تتضمن- من ضمن ما تتضمن- الإفصاح على الصعيد الاقتصادي، من خلال توفير البيانات الحقيقية، ما أسهم في تعزيز المكانة الائتمانية للبلاد. تشير المؤسسات الدولية المستقلة إلى أن الاقتصاد السعودي سيشهد نموا متواصلا في الأعوام القليلة المقبلة، استنادا إلى الحقائق المشار إليها، وإلى النمو الصحي للقطاعات المختلفة في المملكة. مع الإشارة إلى أن المرونة التي يتمتع بها هذا الاقتصاد أسهمت إلى حد بعيد ليس فقط في دعم المشاريع الكبرى الموجودة على الساحة، بل في طرح مشاريع جديدة تماما. وكلها تصب في النهاية ضمن العائد الإجمالي الوطني للسعودية.

إنشرها