Author

البحر الأحمر .. في 2030

|


من الأشياء التي تحسب لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان إعلانها المشاريع الوطنية الكبرى ذات المردود المباشر على الاقتصاد الكلي التي من شأنها أن تسهم في تغيير وتطوير الهياكل الكبرى في الاقتصاد الوطني.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اعتماد المخطط العام لمشروع البحر الأحمر أحد أكبر مشاريع السياحة طموحا على مستوى العالم.
وجميل جدا أن يقترن هذا الإعلان بخطة تنفيذية كاملة تحدد أهداف المشروع، والفترة الزمنية التي يستغرقها، وكذلك تقدر الخطة تكلفة المشروع، وحجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وأهميته في دعم موارد الدولة وتنويع مصادر الدخل.
والواضح أن الإدارة السعودية في هذه المرحلة من تاريخ مملكتنا الفتية تتميز بالنضج والابتكار والشفافية، حيث إنها تختار المشاريع ذات القيمة الكبرى للاقتصاد الوطني الذي بدأ يتجه إلى تنمية الموارد الجديدة التي كانت بعيدة عن التناول والاستثمار.
وقد أعلن مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للتطوير في الأسبوع الماضي أن المرحلة الأولى من المشروع المقرر إنجازه في عام 2022 تشمل بناء نحو 14 فندقا فخما بإجمالي عدد غرف يصل إلى نحو 3000 غرفة، وسيتم تشييدها على خمس جزر، إضافة إلى تجهيز منتجعين في منطقة الجبال والصحراء، كذلك لم يغفل المشروع الرياضة البحرية حيث يتضمن بناء مراس لليخوت جنبا إلى جنب مع بناء مرافق ترفيهية عالية المستوى، ومطار بمميزات فنية تتناسب مع ضخامة وفخامة المشروع. ولا شك أن هذا التكامل في بناء المرافق السياحية سيجعل منطقة البحر الأحمر منطقة جاذبة لكثير من السياح الباحثين عن المناطق المريحة ذات الثراء التاريخي والطبيعي.
ووفق الخطط المعتمدة، فإن مشروع البحر الأحمر بحلول 2030 سيكون قد انتهى من تطوير 22 جزيرة من أصل أكثر من 90 جزيرة، وكذلك سيكون قد انتهى من تشييد عشرة آلاف غرفة فندقية في المنتجعات التي ستقام على الجزر والمناطق الجبلية والصحراوية، إضافة إلى إنشاء المرافق السكنية والتجارية والترفيهية فائقة الفخامة، حيث تكون كل المنشآت في المواقع المحددة على مستوى واحد من الفخامة والأبهة والتميز.
ويستهدف المخطط المعتمد للمشروع تحقيق زيادة صافية بنسبة تصل إلى 30 في المائة في التنوع البيولوجي خلال العقدين المقبلين، بهدف تعزيز النظام البيئي وتنميته في المنطقة، وهذه النسبة من شأنها أن تجعل من الموقع منطقة محمية بحرية خلابة تشد إليها الزوار والسياح من كل مكان في العالم، وستسهم هذه المشاريع في تعزيز مبادرات الاستدامة باستخدام مجموعة من أجهزة الاستشعار والمراقبة لمتابعة وقياس التغيرات التي قد تطرأ على البيئة أثناء تنفيذ المشاريع مثل نسبة ملوحة المياه، ودرجة الحرارة، ومستوى الرؤية، وتيارات المد والجزر، وغيرها من التغيرات المحتمل حدوثها خلال تنفيذ مشاريع البناء والتطوير. والرائع في المشروع أنه يعتمد بكامله على الطاقة المتجددة التي تضمن بيئة نظيفة خالية من الملوثات وملبية لمعايير البيئة الخالية من شوائب التلوث.
وواضح أن المشروع يحرص على ضمان حماية النظام البيئي الذي سيكفل عدم المساس بـ75 في المائة من الجزر، إضافة إلى تسجيل تسع جزر كمواقع ذات قيمة بيئية تضمن الحفاظ على دورة حياة الكائنات الحية المستوطنة في المنطقة والمهددة بالانقراض.
إن هذا الاهتمام بالشأن البيئي الذي يهتم به المشروع من شأنه أن يجعل من المنطقة بيئة تتوافر فيها أعلى درجات النظافة والصحة.
كذلك فإن مشروع البحر الأحمر يتضمن تطوير قطاع السياحة، حيث يوفر نحو 70 ألف فرصة عمل، ويسهم في إضافة 22 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من خلال إيجاد فرص استثمارية ضخمة متاحة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وحتى تكون الإدارة في المستوى الرفيع الذي عليه المشروع فقد تم اعتماد نظام ذكي ورقمي يتناسب مع المستوى الرفيع الذي عليه المشروع، وسيساعد النظام الإداري الرقمي المتطور على وضع مشروع البحر الأحمر على خريطة السياحة العالمية بمعدلات تنافسية عالية، بمعنى أن مشروع البحر الأحمر سيضع المملكة على طريق المنافسة الندية مع كبريات الدول التي تتمتع بإمكانات سياحية فريدة.
بمعنى أن مشروع البحر الأحمر 2030 سيوفر كل الأسباب التي تضع المملكة العربية السعودية في مكانة مرموقة على خريطة السياحة العالمية، وبالتالي فإن القطاع السياحي سيكون من القطاعات الرئيسة المحققة لأعلى إيرادات الدولة، ولذلك فإن مشروع البحر الأحمر يعد محورا مهما من محاور "رؤية السعودية 2030".
وإذا كانت المملكة على طريق إعادة بناء هياكل الاقتصاد الوطني، فإن موارد السياحة مرشحة كي تكون من الموارد القائدة لقاطرة الاقتصاد الوطني، كما أن تجربة مشروع البحر الأحمر ستفتح الطريق نحو تنمية موارد كثيرة أخرى لم يسبق أن حظيت بالاهتمام المطلوب.
ونحمد الله سبحانه وتعالى أن أراضي المملكة مليئة بالخيرات والنعم، وما نحتاج إليه هو إزالة كل العوائق التي كانت تحول بيننا وبين تنمية مواردنا الطبيعية التي تنعم بها مملكة الخير والرخاء.

إنشرها