Author

كيف يمكن للخدمات اللوجستية أن تحدث فارقا في الاقتصاد الوطني؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


خلال الأيام القليلة الماضية، تم إعلان أمرين لهما دلالة فيما يتعلق بشكل المرحلة المقبلة من الاقتصاد الوطني؛ حيث تم إعلان برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، كما تم إعلان اكتمال العمل فيما يتعلق بالتحقيقات الخاصة بالفساد التي كشفت عن تسوية مقدارها 400 مليار ريال، إضافة إلى إحالة البعض إلى المحاكم لوجود تهم جنائية بحقهم بناء على ما قرره النائب العام. ومكافحة الفساد أمر مستمر، ولعل أبرز قضية تمت خلال الفترة القريبة الماضية إعلان كف يد مجموعة من الأشخاص في وزارة الشؤون البلدية؛ لارتكابهم مجموعة من المخالفات المتعلقة بالفساد، وإحالتهم إلى النائب العام.
هاتان الخطوتان لهما دلالة على أن الاقتصاد يتهيأ لمرحلة جديدة من الشفافية، وبناء البرامج على خطط مستقبلية واضحة، وهذا يعزز فرص استقطاب الاستثمارات في إطار البرامج التي تعمل عليها المملكة، ما يزيد من فرص نجاح البرامج الوطنية وجاذبيتها، وبناء الثقة بالاقتصاد بصورة كبيرة.
كان إعلان البرنامج الوطني للصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية إعلانا مبهرا، وحظي باهتمام كبير في ظل التحولات التي تشهدها المملكة في اتجاه تنويع مصادر الدخل، واستقطاب الاستثمارات النوعية في مجال الصناعة والخدمات. والحقيقة؛ إن هناك مجموعة من البرامج التي بدأت تؤتي ثمارها، ولعل ما أشار إليه وزير المالية من نمو في حجم إسهام الناتج المحلي غير النفطي في الاقتصاد، يدل على أهمية وأثر ما تم العمل عليه من خطوات وبرامج كان لها الأثر في الاقتصاد.
أحد أهم البرامج التي تم إعلانها برنامج الخدمات اللوجستية الذي يعد ركيزة أساسية في تنمية الاقتصاد؛ إذ يعتمد عليه جميع أدوات الاقتصاد بمختلف أنواعها، سواء إذا ما تحدثنا عن الصناعة أو التجارة أو السياحة أو أي قطاع اقتصادي، وكي ينجح ويتميز ويتفوق على غيره لا بد من العناية به بصورة كبيرة. وأدوات الخدمات اللوجستية متعددة، منها المطارات والموانئ والسكك الحديدية والطرق، والمملكة تتمتع بعدة أمور تميزها فيما يتعلق بالخدمات اللوجستية، خصوصا الموقع الجغرافي بوصفها ملتقى القارات الثلاث الرئيسة، إضافة إلى ما تتمتع به من الأمن، والاستقرار السياسي. والخدمات اللوجستية لها آثار كبيرة ومتنوعة، فمن آثارها أنها تدعم بشكل كبير استقطاب الاستثمارات، خصوصا الصناعية؛ بغرض التصدير، وهو محل اهتمام كبير اليوم؛ إذ إن الخدمات اللوجستية تسهل وصول المواد بغرض الصناعة، وتصدير المنتجات وتوزيعها حول العالم، كما أن هذه الخدمات تُحدِث حركة كبيرة لقطاعات، مثل: الخدمات كالفنادق، والاتصالات، والمواد الغذائية، والوقود، إضافة إلى مراكز الصيانة، وغيرها من الخدمات، وهذا يوفر فرصا استثمارية وتجارية، وفرصا للكسب، إضافة إلى وظائف هائلة للمواطن مقارنة بالقطاع الصناعي أو أي قطاع آخر، كما أن هذه الخدمات قد توفر دخلا كبيرا للاقتصاد الوطني مع تطور تلك الخدمات وتكاملها، كما أن فيها توظيفا أمثل للموقع الجغرافي للمملكة، واستغلال الموقع الجغرافي يمتد أثره الزماني، ويكون رافدا مستمرا للاقتصاد؛ حيث إن بعض الصناعات قد تستبدل بغيرها، وبعض الخدمات يمكن أن تتطور، إلا أن الموقع الجغرافي أمر باق ومستقر، والاستغلال الأمثل له قد يشكل موردا مستقرا ومستداما للاقتصاد، كما أنه يجعل من مشاركة المواطن، خصوصا في تلك المناطق، جزءا رئيسا. ومنافع الاقتصاد من الخدمات اللوجستية تنعكس عليه بصورة مباشرة، كما أن المرونة كبيرة في التحول في الأنشطة التجارية وفق ما تتطلبه الحاجة الخاصة بالخدمات اللوجستية، وهو ما قد يكون صعبا في بعض القطاعات الاقتصادية الأخرى؛ ولذلك رغم أن البعض قد ينظر إلى القطاع اللوجستي على أن أثره محدود، إلا أن الوقع هو أن المنافسة في تقديم أفضل الخدمات اللوجستية أصبحت اليوم كبيرة في العالم، وهي إحدى أهم ركائز التنمية المستدامة للاقتصاد؛ إذ إن أي قطاع يسعى إلى التطور ينظر دائما وبشكل كبير إلى الخدمات اللوجستية التي تعد ركيزة في تحقيق تنمية مستدامة.
فالخلاصة؛ إن التطور الكبير في الخطط والبرامج والمشاريع التنموية سيكون له أثره في الاقتصاد وشكله مستقبلا؛ فالبرنامج الوطني للصناعة والخدمات اللوجستية يعد تحولا في الاقتصاد تجاه تنويع مصادر الدخل، وتحقيق تنمية مستدامة، كما أن الخدمات اللوجستية يمكن أن يكون لها الأثر الأكبر في قطاع التوظيف واستدامة النشاط الاقتصادي في المملكة ـــ بإذن الله.

إنشرها