Author

شركة سعودية في جامعة هارفرد

|
مستشار اقتصادي


لا أعرف إذا ما كانت هناك سابقة أم لا، وقد تكون المرة الأولى التي توظف كلية الأعمال في الجامعة HBS شركة سعودية خاصة كحالة جديرة بالدراسة؛ إذ إن الكلية أول من اشتهر بهذه الطريقة للتعليم، من خلال مراجعة حالة شركة لتقييم الأعمال والإدارة في ظل ظروف معينة. "لأغراض الإفصاح لا أملك شخصيا أي أسهم في شركة المراعي. شركة المراعي مهمة في المملكة، ليس من ناحية نجاحها التجاري فقط، ولكن لأنها رائدة في صناعة ضرورية في ظروف بيئية ليست سهلة وسباقة في بعض أعمالها. "المراعي" وغيرها استفادت من الدعم الحكومي المتغير في أوقات مختلفة منذ تأسيس الشركة في 1977، ولكن القليل استطاع تكوين عمل ضخم ومؤثر ومربح على مدى عقود. قصة تطور "المراعي" من خلال قراءة مراجعة "هارفرد" ممتعة، خاصة في تطور منتجات الشركة، وشراكاتها الدولية، وتعاملها مع تحديات قلة المياه، وحرارة الطقس على الأبقار، وتقليص الدعم، وتوسعها الدولي. لن ندخل هنا في تحليل مالي عن الشركة، ولكن لا بد من ذكر بعض الحقائق والأرقام.
حجم المبيعات وصل في 2018 إلى 13.9 مليار ريال، والأرباح قبل خدمة الدين والضرائب 2.6 مليار. وكذلك تغير الملاك تدريجيا؛ حيث تملك اليوم شركة صافولا 35 في المائة، والأمير المؤسس سلطان بن محمد الكبير 24 في المائة، وصندوق الاستثمارات العامة (PIF) في 16 في المائة، و4 في المائة لمؤسسات شبه حكومية، و21 في المائة لمواطنين ومستثمرين أجانب وصناديق استثمار. يعمل في "المراعي" داخل المملكة وخارجها 42592 موظفا، نحو 75 في المائة منهم من الوافدين، ولكن هناك توجه حثيث لزيادة نسبة المواطنين، نصف الموظفين تقريبا يعملون في النقل والتوزيع لأسباب عملية تخص طبيعة المنتجات، وكذلك يعكس حجم التوزيع دور البقالات الكثيرة في بيع المنتجات. لعل ما يلفت في الدراسة تتبع تحول "المراعي" من شركة ألبان إلى شركة أغذية رئيسة في المنطقة، خاصة بعد دخولها سوق المخابز وحليب الأطفال والعصائر والدواجن. بعض هذه الأعمال يواجه صعوبات في تحقيق الربحية على الأقل، ما اضطر الشركة إلى زيادة الاستثمارات أو إطالة المدة المتوقع فيها تحقيق أرباح. فالدواجن لم تكن سهلة الربحية، وبعضها بدا وكأنه غير متناسق مع قدرات "المراعي" المؤثرة في التوزيع، مثل حليب الأطفال، ما جعل الشريك الأجنبي يستسلم ويبيع حصته لـ"المراعي"، كما أنه لا تزال هناك تحديات في الشراكة مع "بيبسي" في مصر والأردن. تذكر الدراسة أن دمج "نادك" مع "الصافي دانون" قد يؤسس لأول شركة لديها الحجم والعمق لمنافسة "المراعي". تتطلع الشركة إلى دخول بيع الأسماك استمرارا واتباعا لتجربة الدواجن، وكذلك بعض أنواع الخضراوات المائية. إداريا هناك تغير إداري؛ إذ تقدم الرئيس التنفيذي السويسري الجنسية بطلب التقاعد بعد أن حل مكان المدير السابق الذي أصبح وزيرا للزراعة.
مسيرة الشركة مصدر فخر لكل من أسهم في هذا الكيان الناجح، الذي ولد في ظروف مالية واقتصادية واعدة في المملكة. هناك تحديات مستقبلا، مثل المحافظة على الجودة، خاصة أن الشركة تأخذ من الجودة شعارا، وكذلك هناك تحديات المنافسة، والصعوبات اللوجستية بالاعتماد على شبكة من المزارع الخارجية؛ لتغذية الأبقار، وإدارة الاستثمارات المتنوعة، خاصة كلما ابتعدت عن الميزات النسبية التي تطورت على مدى عقود، وكذلك هناك تحديات مالية مع رفع الضرائب، وأخرى إدارية في التحول إلى التوطين، وتقابل هذه التحديات والمخاطر إدارة متمرسة، وتجربة طويلة، وقاعدة ربحية متواصلة، وحجم دين مقبول.

إنشرها