Author

عوامل خسارة العمالة وظائفها

|


تخسر العمالة "الموظفون" وظائفها لعوامل خارجة عن إرادتها أو لأسباب تعود إليها. وتتلخص العوامل الخارجة عن إرادتها في الأوضاع الاقتصادية الكلية أو ظروف الصناعة أو سوء إدارة المؤسسات. يتسبب تردي الأنشطة الاقتصادية الكلية العائد لتراجع النمو العالمي أو المحلي المتأثر بالسياسات المحلية في خسارة جزء من العمالة وظائفها. وفي هذه الحالة تتحمل الحكومات مسؤوليات التكيف وصناعة السياسات الاقتصادية المناسبة للحد من آثار التباطؤ الاقتصادي والتعامل مع البطالة.
من ناحية أخرى تقود الديناميكية الاقتصادية، والتغيرات التقنية، وفي بعض الحالات المنافسة المحلية أو الخارجية غير الشريفة إلى معاناة صناعة معينة وتراجع أنشطتها على الرغم من وجود مؤشرات اقتصادية كلية إيجابية، وهو ما يجبرها على إعادة الهيكلة وخفض الإنتاج وتسريح جزء من عمالتها. تلعب إدارة المؤسسات دورا مهما في نجاحها واستمرارها، وقد يتسبب سوء إدارة المؤسسات في تردي بعض المؤشرات المالية على الرغم من وجود نمو اقتصادي جيد وازدهار القطاع الذي تعمل فيه المؤسسات. وفي هذه الحالة تخسر عمالة المؤسسة وظائفها ولكنها لا تجد صعوبة في العثور على وظائف لأن القطاع الذي تعمل فيه نشط ومزدهر. يسهم التمييز -المبني على أسس عرقية أو مناطقية أو على أساس الجنس أو العمر أو أي أسس أخرى- في خسارة شرائح سكانية معينة وظائفها، وتبرر خسارة الوظائف أحيانا بأسباب واهية وشكلية ليست لها علاقة بالإنتاجية. وفي هذه الحالة تتحمل الحكومات مسؤوليات ضمان سيادة العدالة والمساواة في التوظيف وخسارة الوظائف.
يفيد عديد من الدراسات أن خسارة الوظائف تعود في كثير من الأحيان لتصرفات العمالة المتأثرة. ويأتي عدم الالتزام بأوقات العمل وإهدارها كأبرز أسباب خسارة الوظائف. ويعد التأخر في الحضور إلى العمل والخروج المبكر منه على رأس مقدمة عوامل خسارة العمل، ويليه الغياب والتسيب سواء بادعاء المرض أو الالتزامات العائلية. كما لا يقل إهدار أوقات العمل -في أنشطة لا علاقة لها بالعمل- أهمية في خسارة الوظيفة عن الغياب والتأخر. وتسببت التطورات التقنية وشبكات التواصل الاجتماعي في إهدار بعض الموظفين أوقات العمل ما قاد إلى فقدان الوظائف حتى في الدول المتقدمة. وتحرص المؤسسات التي تتعامل مع العملاء والجمهور أكثر من غيرها على التزام موظفيها بأوقات العمل وعدم إهدارها. ويلاحظ في الدول المتقدمة حرص العاملين على التقيد بالعمل وأوقاته بينما تعاني الدول النامية خصوصا في المؤسسات العامة التسيب وتضييع معظم أوقات العمل فيما لا علاقة له بالإنتاج.
هناك عوامل أخرى كثيرة تقف خلف خسارة العمالة وظائفها، ومن أبرز تلك العوامل: سوء السلوك مع الجمهور أو المديرين أو زملاء العمل. كما يعتبر تخريب ممتلكات المشغل أو عدم المحافظة عليها عاملا مهما في خسارة الوظيفة. تقف بعض التصرفات غير الأخلاقية أو الإجرامية خلف نسبة من فقدان الوظائف، ومن أبرز تلك التصرفات: الاختلاس والعمل تحت تأثير الكحول أو المخدرات، أو العبث وتزوير المستندات والكذب في السيرة الذاتية. كما يقود الكسل والتقصير في واجبات الوظيفة إلى التسبب في كثير من خسارة الوظائف، ويعتبر رفض القيام بالعمل دون مسوغ قانوني أو نظامي سببا في خسارة الوظيفة.
إضافة إلى ذلك هناك عوامل أخرى تقود إلى خسارة الوظائف ولكن يمكن معالجتها وتداركها مع مرور الوقت. ومن تلك العوامل: تدني الإنتاجية حيث يمكن للعاملين رفع إنتاجيتهم من خلال التعلم واكتساب الخبرات. وعلى العاملين إدراك أن تطوير مهارات العمل باستمرار أمر أساسي وضروري للحفاظ على الوظائف والتقدم فيها. ومن الأفضل للعاملين استشراف أوضاع المؤسسات والصناعات التي يعملون فيها كي لا يصدموا يوما ما بفقدان وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم، كما أن عليهم الحرص على توقيع عقود عمل لمدد معقولة والتأكد قبل انتهائها من إمكانية تجديد تلك العقود أو البحث باكرا عن وظائف وخفض فترات البطالة لأقصر مدد ممكنة.
ترتفع معدلات البطالة في دول كثيرة، وتحاول الجهات الحكومية وغير الحكومية التعامل مع معضلة البطالة ولكن كثيرا منها يعاني مستويات فشل متفاوتة. ويعود هذا إما إلى قصور السياسات الاقتصادية في إنعاش الاقتصاد، أو إلى التركيز على إنعاش القطاعات الأقل توظيفا، أو إلى عدم إدراك أهمية التعامل مع مسببات البطالة غير الاقتصادية. ولا يخفى على أحد وجود عوامل أخرى كثيرة غير اقتصادية لترك العمالة وظائفها أو خسارتها ما يرفع معدلات البطالة. لهذا ينبغي ألا يقتصر التصدي للبطالة على استخدام الآليات الاقتصادية، ولكن يجب التعامل مع العوامل غير الاقتصادية خصوصا المتعلقة بالتعليم وإعادة تأهيل العمالة العاطلة عن العمل وتطوير المهارات والتحلي بأخلاقيات العمل الجيدة والتصدي للتمييز.

إنشرها