أخبار اقتصادية- عالمية

مؤشرات ضعف لثاني أكبر اقتصاد عالمي .. الصين يسجل أبطأ نمو منذ 1990

مؤشرات ضعف لثاني أكبر اقتصاد عالمي .. الصين يسجل أبطأ نمو منذ 1990

مؤشرات ضعف لثاني أكبر اقتصاد عالمي .. الصين يسجل أبطأ نمو منذ 1990

سجل اقتصاد الصين أبطأ وتيرة نمو في نحو ثلاثة عقود، وذلك في الربع الأخير، من العام الماضي تحت ضغط ضعف الطلب المحلي ورسوم جمركية أمريكية مؤلمة، الأمر الذي يكثف الضغط على بكين لتطبيق مزيد من إجراءات الدعم لتفادي تباطؤ أشد حدة.
وتؤجج دلائل الضعف المتزايدة في الصين، التي أسهمت بنحو ثلث النمو العالمي في العقد الأخير، المخاوف بشأن المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي وتضغط على أرباح شركات مثل "أبل" وكبار منتجي السيارات وفقا لـ"رويترز".
وتعهد واضعو السياسات بمزيد من الدعم هذا العام للحد من خطر الفقد جماعي للوظائف، في حين استبعدوا فيضا من إجراءات التحفيز التي اعتمدت عليها بكين في السابق، التي كان لها دور في تحسين معدل النمو سريعا ولكن خلف ديونا هائلة.
وقال المكتب الوطني للإحصاء أمس إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما بنسبة 6.4 في المائة على أساس سنوي في الربع من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر)، مقارنة مع 6.5 في المائة في الربع السابق، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ الأزمة المالية العالمية.
وهبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 إلى 6.6 في المائة، وهو أقل مستوى له منذ عام 1990، انخفاضا من 6.8 في المائة بعد التعديل في 2017.
وسجل إنتاج المصانع زيادة مفاجئة إلى 5.7 في المائة من 5.4 في المائة وكان من النقاط المضيئة القليلة إلى جانب قطاع الخدمات، فيما أظهرت بيانات أخرى، أن الاستثمارات ومبيعات التجزئة ما زالت تعاني، في حين ارتفع معدل البطالة.
وارتفعت الاستثمارات في الأصول الثابتة 5.9 في المائة في 2018، وهي الأبطأ في 22 عاما على الأقل وسط حملة للجهات التنظيمية على التمويل والديون الأكثر خطورة، والتي ضغطت على إنفاق الحكومات المحلية في أوائل هذا العام.
بدوره أكد الاقتصادي الفرنسي جان فرنسوا هوشيه الخبير بشؤون الصين وآسيا والأستاذ المحاضر في المعهد الوطني الفرنسي للغات والحضارات الشرقية أن الاقتصاد الصيني الذي يعاني من تباطؤ النمو في حاجة ماسة إلى إصلاحات وإلى إعادة التوازن.
وقال: "منذ ثمانينيات القرن الماضي، اعتمدت الصين شعار تحقيق 8 في المائة كنسبة نمو في إجمالي الناتج المحلي، كانت تُعلن حتى قبل بداية السنة - وهو أمر لا معنى له - ولكن كان يتم التوصل إليه دائما. إنه بُعد سياسي لإجمالي الناتج المحلي يخرج تماما عن نطاق التحليل. لقد عاد الأمر إلى وضع طبيعي أكثر، مع ناتج محلي إجمالي من 6 أو 7 في المائة، لكن تم الاحتفاظ بذاك البعد السياسي القوي لإجمالي الناتج المحلي.
إذا نظرنا إلى التطور الحاصل على مدى 15 عاما، نرى أن هناك تباطؤا في نمو الإنتاجية، مع حاجة مستمرة إلى خفض مستوى الاستثمار وتطوير الخدمات، وديون متزايدة بوتيرة سريعة ستضطر الصين لمعالجة كل هذه المشاكل في بيئة لم تعد نفسها التي عرفتها في التسعينيات وبداية الألفية الثالثة.
وأضاف: "نحن نعلم بأنه سيكون هناك تباطؤ كل شيء يؤشر إلى أن النمو سيكون دون 5 في المائة، لكن بالنسبة للصين، من الناحية السياسية، سيكون من الصعب جدا الانزلاق إلى أدنى من هذا المستوى، حيث يرتبط هذا بكيفية تصميم العمليات الاقتصادية ومن ثم، ربما، الخوف مما سيكون عليه الوضع في الصين التي لم تظهر أنها قادرة على ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي مع إجمالي ناتج محلي دون 5 في المائة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تزداد فيه المخاوف في الصين من أن تشكل شيخوخة المجتمع عامل ضغط إضافيا على الاقتصاد الذي يواجه نموا بطيئا أساسا بعدما أظهرت بيانات رسمية الإثنين أن نسبة زيادة عدد السكان انخفضت العام الماضي على الرغم من إلغاء سياسة الطفل الواحد.
ورفعت الحكومة الصينية الحد الأقصى لعدد الأطفال إلى اثنين في 2016 في مسعى لضخ دماء شابة في المجتمع الذي يعد الأكبر عالميا لجهة عدد السكان مع نحو 1.4 مليار نسمة، بينما يشير خبراء إلى أنها قد تلغي السقف برمته العام المقبل.
لكن لا يبدو أن التغيير يدفع الأزواج لإنجاب مزيد من الأطفال، جزئيا بسبب التوسع الحضري وارتفاع تكاليف المعيشة في ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وقال وانج فينج أستاذ علم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا، إرفاين، إن "التحولات الاجتماعية والاقتصادية على مدى عقود أعدت جيلا جديدا تماما في الصين لا يعطي الزواج والإنجاب درجة الأهمية نفسها لدى جيل آبائه".
وشهد العام الماضي تسجيل 15.23 مليون حالة ولادة على قيد الحياة، وهو عدد يقل بمليونين عن العام السابق، بحسب معلومات صادرة عن مكتب الإحصائيات الوطني، ومع تسجيل 9.93 مليون حالة وفاة، أنتج ذلك معدل نمو بـ 3.81 لكل ألف في 2018، مقارنة بمعدل بلغ 5.32 لكل ألف في العام السابق.
وقال وانج إن النمو السكاني لعام 2018 يعد ثاني أقل معدل تم تسجيله منذ تأسيس الصين، مشيرا إلى أن أدنى معدل نمو سُجل عام 1960 عندما كانت البلاد تواجه مجاعة.
وارتفع مجموع عدد السكان في الصين بـ 5.3 ملايين في 2018 ليصل إلى 1.395 مليار نسمة، لتحافظ الدولة الآسيوية بذلك على لقبها باعتبارها البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم.
وقال نينج جيزي مفوض مكتب الإحصائيات الوطني إن النمو السكاني بلغ ذروته لكن لا يزال لدى البلاد إمكانات هائلة، فيما لا يعد معدل مشاركة العمالة منخفضا على الصعيد العالمي، إذ إن أكثر من 700 مليون من سكاننا البالغ عددهم 900 مليون (من هم في سن العمل) موظفون، ولا يزال هناك مجال للنمو.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصائيات أن القوة العاملة في الصين المتمثلة بأشخاص تبلغ أعمارهم بين 16 و59 عاما بلغت 897.3 مليون العام الماضي، وهو تراجع بـ4.7 مليون عن عام 2017.
ويعد هذا العام السابع على التوالي لجهة التراجع، بحسب الخبير الديموغرافي المستقل هي يافو من مقاطعة جوانجدونج الجنوبية، ولا سيما أن القوة العاملة في طريقها إلى التراجع بنسبة تصل إلى 23 في المائة بحلول 2050.
وقال يافو إن "انخفاض معدل الولادة أدى إلى شيخوخة السكان بشكل خطير فمن جهة، تصغر العائلات ما يخفف الدعم لكبار السن ومن جهة أخرى، تزداد نسبة السكان المسنين مقارنة بالقوة العاملة، وهو ما يزيد العبء على السكان العاملين".
وظهرت أولى المؤشرات بتراجع النمو السكاني في الصين حينما أشارت بيانات نشرتها بعض السلطات المحلية إلى تراجع كبير في الولادات العام الماضي.
وفي مدينة تشينجداو في مقاطعة شاندونج إحدى أكثر مناطق الصين كثافة سكانية تراجع عدد المواليد بين كانون الثاني (يناير) وتشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بالعام السابق بنسبة 21 في المائة ليبلغ أكثر من 81 ألفا بقليل.
فُرضت سياسة الطفل الواحد التي أدخلت عام 1979 عبر الغرامات لكنها شهدت كذلك عمليات إجهاض إجبارية وتعقيم تسببت بانخفاض معدلات الولادات.
ومنحت استثناءات للأسر الريفية في حال كان الطفل الأول أنثى وللأقليات العرقية.
وفي مسودة القانون المدني الصيني الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 2020، تمت إزالة جميع الإشارات إلى "تنظيم الأسرة" وهو ما يشي بإمكانية إلغاء السقف على حجم العائلات.
وشكل ارتفاع تكاليف المعيشة شكل عامل تثبيط لكثيرين ممن هم في سن الإنجاب، وفق يافو، الذي أضاف أنه كما هي الحال في كثير من دول العالم تعد معدلات الخصوبة في الأرياف أعلى من المدن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية