أخبار اقتصادية- عالمية

الاقتصاد الصيني يواجه خطر أبطأ وتيرة نمو في 3 عقود

الاقتصاد الصيني يواجه خطر أبطأ وتيرة نمو في 3 عقود

يتوقع محللون أن تعلن الصين غدا تراجع النمو الاقتصادي إلى أبطأ وتيرة له خلال 28 عاما في 2018، وسط ضعف للطلب المحلي ورسوم جمركية أمريكية مؤلمة، ما يكثف الضغط على بكين لتطبيق مزيد من إجراءات الدعم لتفادي تباطؤ أشد حدة.
وبحسب "رويترز"، تؤجج دلائل الضعف المتزايدة في الصين، التي ساهمت بنحو ثلث النمو العالمي في العقد الأخير، المخاوف بشأن المخاطر، التي تهدد الاقتصاد العالمي وتضغط على أرباح شركات مثل أبل وكبار منتجي السيارات.
وتوقع محللون استطلعت آراؤهم أن يكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما بنسبة 6.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الممتد من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر)، مقارنة بـ6.5 في المائة خلال الربع السابق، وهي مستويات لم يشهدها منذ أوائل 2009 إبان الأزمة المالية العالمية.
ومن شأن ذلك أن يهبط بمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 إلى 6.6 في المائة، وهو أقل مستوى له منذ عام 1990، انخفاضا من 6.8 في المائة بعد التعديل في 2017.
وعلى أساس فصلي، من المرجح أن يكون النمو قد انخفض إلى 1.5 في المائة في الربع الأخير من 2018، من 1.6 في المائة في الربع السابق.
يأتي ذلك فيما تبذل بكين جهودا لاحتواء الدين المتفاقم والحرب التجارية المؤلمة مع واشنطن.
وفي مؤشر على المعركة، التي تواجهها الصين في إعادة الأمور إلى نصابها، توقع استطلاع لوكالة الأنباء الفرنسية، شارك فيه 13 خبيرا اقتصاديا، أن يكون النمو في الأشهر الثلاثة الأخيرة الأضعف منذ الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات.
وتعد هذه الأرقام الأحدث في توجه طويل دفع المسؤولين إلى التعهد بأنهم لن يدعون الاقتصاد "يسقط في الهاوية"، وأعلنوا إجراءات دعم من بينها خفض الضرائب وتسهيل منح البنوك للقروض.
وستكون نسبة 6.6 في المائة للنمو في العام بأكمله الأسوأ منذ 1990 عندما تضرر الاقتصاد بسبب الغضب من قمع السلطات لمتظاهري ساحة تيانانمين قبل ذلك بعام.
ويعد معدل 6.4 في المائة الذي سجله الاقتصاد في الفترة من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) الأبطأ منذ 2009، ويشير إلى أن الصين تواجه عاما صعبا في 2019.
وقال ريموند يونج، الاقتصادي في بنك "إيه إن زي"، إن الزخم الاقتصادي يتباطأ بشكل واضح.
ويشتبه خبراء الاقتصاد في الصين والعالم بأن السلطات تقوم بتضخيم معدلات النمو، ويعتقدون بأن إجمالي الناتج المحلي للعام بأكمله يتناسب مع الأهداف التي تحددها بكين مسبقا بشكل يدعو إلى الريبة.
ويشير معهد "كونفرنس بورد" المرموق للأعمال العالمية، الذي مقره الولايات المتحدة إلى أن أبحاثه تشير إلى معدل نمو بنسبة 4.1 في المائة للعام.
وتدهورت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، شريكتها التجارية الرئيسية، بشكل كبير العام الماضي بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسوما جمركية عالية على نحو نصف واردات بلاده من الصين في محاولة لإجبارها على تقديم تنازلات تجارية.
وتوقفت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي بعد أن اتفق الرئيسان الصيني شي جينبنغ والأمريكي دونالد ترمب على مهلة مدتها ثلاثة أشهر يحاول الجانبان خلالها التوصل إلى حل.
ويتوجه كبير المفاوضين الصينيين إلى واشنطن لإجراء محادثات الشهر الجاري قبل الموعد النهائي في آذار (مارس) المقبل، لتجنب فرض مزيد من الرسوم الجمركية، فيما ذكر تقرير أن واشنطن تفكر في رفع بعض الرسوم مقابل تنفيذ بكين إصلاحات.
وفيما يرى محللون أن الأزمة أضرّت بالثقة، إذ ألحقت أضرارا بالبورصات وأضعفت اليوان، إلا أنهم يشيرون إلى أن السبب الرئيس في التباطؤ هو سياسات الحكومة في معالجة الدين المتزايد والمخاطر المالية والتلوث.
وتزيد توقعات النمو في 2018 عن الهدف الرسمي المحدد بنحو 6.5 في المائة، ولكنها أقل من 6.8 في المائة تم تحقيقها عام 2017، بعد أن خفض مسؤولون صينيون الأسبوع الماضي التوقعات لعام 2017.
وأصدر مكتب الإحصائيات الوطني الصيني نتائج رسمية الإثنين الماضي، وأفاد أن نسبة النمو الاقتصادي لعام 2017 بلغت 6.8 في المائة بدلا من 6.9 في المائة، كما أُعلن في السابق.
وتم وقف عدد من مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل خطوط قطارات الأنفاق والطرق السريعة في النصف الأول من العام للحد من الديون، وخفف صانعو السياسات من القيود تدريجيا وشجعوا مزيدا من الإنفاق على البنى التحتية في الخريف.
وذكر محللون أن القيود على الائتمان جعلت الحصول عليها من قبل بعض الراغبين في شراء السيارات أكثر صعوبة، وهو ما أسهم في انخفاض مبيعات السيارات السنوية لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما.
وهذه واحدة من مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الأخيرة التى تشير إلى زيادة التباطؤ، وانخفضت الواردات والصادرات في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بينما سجل قطاع التصنيع انكماشا لأول مرة منذ أكثر من عامين.
وأعلن مسؤولون صينيون عن خفض في الضرائب والرسوم وتقليص الإجراءات الروتينية وغيرها من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد.
وصرح رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج لعدد من الأكاديميين ورجال الأعمال "نقترح الإبقاء على الاقتصاد الصيني عاملا في نطاق منطقي وهو ما يعني أننا سنسمح لمعدل النمو الاقتصادي بتقلبات محدودة".
وأضاف "لكن لا يمكن أن يمر الاقتصاد بعمليات صعود وهبوط كبيرة، ولا يمكن أن يسقط في الهاوية"، وتعهد بمساعدة الشركات الخاصة "والاستفادة من سوقنا المحلية الهائلة".
ومع عزم المسؤولين عدم زيادة فقاعة الديون واحتمالات انخفاض الصادرات، فقد زادت حاجة الصين إلى الاعتماد على مستهلكيها المحليين لتنمية الاقتصاد.
وصرح ليو ليجانج كبير خبراء الاقتصاد لشؤون الصين في "سيتي جروب" "نشهد تدهورا سريعا في الاستثمارات ومبيعات التجزئة وهو ما يؤثر في تباطؤ النمو.. القيود على القروض جعلت من الصعب جدا على القطاعات الخاصة الحصول على التمويل".
ورأى بيورن جيسبرجن الخبير الاقتصادي في مجموعة "رابوبنك"، أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة يجب أن ينظر إليها على أنها السيف المسلط على الاقتصاد الصيني، ولكن تأثيرها لم يظهر بشكل واضح سوى في الأشهر الأخيرة من 2018.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية