Author

العميل رقم واحد

|

زاملت موظفا يائسا محبطا قبل عدة سنوات؛ آخر من يصل إلى الدوام وأول من يخرج منه. يغمرك في أي نقاش بالضيق بسبب تشاؤمه وسوداويته. لم يكن معي في القسم نفسه، لكنني كنت أتقاطع معه باستمرار، وأستنشق رائحة يأسه وإحباطه، وعجزه الذي يسود المكان. ولكن فجأة؛ تحول ذلك كله إلى مجرد ذكريات.
أصبح وجه زميلي مبتسما مشرقا، وصار مقبلا على العمل، يقود مبادرات ومشاريع، انقلبت حاله رأسا على عقب.
استسلمت لفضولي وسألته عن سر هذا التحول المفاجئ، فأجابني منتشيا: "السبب هو رئيسي يا صديقي".
أخبرني أنه عُين قبل عدة أشهر رئيس جديد للقسم. يصغي إلى حديثه حتى ينتهي منه. يمتدح الأفكار التي يطرحها، ويدعمه وزملاءه بشكل مطلق لتنفيذها.
يقول: "أصبحت أحب العمل لأنني شعرت بدعمه. كنت أنتظر الرئيس الذي أحترمه وليس الذي أخاف منه".
التجربة التي عاصرتها لرئيسين مرا على زميلي أكدت لي تأثير الدور الذي يلعبه الرئيس في أداء الموظف. كل ما يحتاج إليه الموظف هو الثقة والدعم والإصغاء. قليلون من يحصلون على ذلك، لكن عندما يحصلون عليه سيفاجئونك؛ الجيد سيصبح أفضل، وغير الجيد سيتحسن.
دور المديرين ليس إسداء الأوامر والتوجيهات، بل توفير الدعم والمساندة. عندما يشعر الموظف بحجم أهميته لدى رئيسه سينعكس ذلك على أدائه وإنتاجه.
هناك رؤساء لا يمكنك الوصول إليهم. من لا تصل إليه لن تصل معه. أن تصغي إلى موظفك، هو أن تمنحه وقتا، وأن تعطيه من تركيزك وجوارحك واهتمامك، هذا الاهتمام سيجعله يقاتل في سبيل المحافظة على هذه الثقة.
بعض المديرين يقضون أوقاتا مع ضيوفهم أكثر من موظفيهم. لا شك أن حرص أي مؤسسة على كسب عملائها أمر بديهي، ولكن على المدير أن يعلم أن موظفه هو العميل رقم واحد، فإذا كسبه كسب كل العملاء، وإذا خسره فقد خسرهم.
هناك من يقلل من أهمية الموظف في المنظومة ولا يجعله أولوية، ومع الأسف لا يعلم هذه الحقيقة إلا بعد فوات الأوان، عندما يرتطم بنتائج مخيبة ويسقط إثر فشل ذريع.
ببساطة، إذا أراد أي مدير النجاح فعليه الاعتداد بعميله الأول.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها