Author

نقص الرعاية الصحية إهدار لرأس المال البشري «2 من 2»

|


يواجه قطاع الرعاية الصحية أزمة حادة تتعلق بنقص الاستثمارات، وتُقدَّر تكلفة خدمات الرعاية الصحية الأساسية على مستوى العالم بنحو 90 دولارا للفرد سنويا. وفي عام 2015، استثمر 71 بلدا أقل من هذا المبلغ في صحة مواطنيه، واستثمر 41 بلدا مجموع سكانه 2. 6 مليار نسمة أقل من 25 دولارا للفرد الواحد. ويجب على البلدان أيضا تحسين كفاءة استثماراتها في قطاع الصحة؛ لضمان تحقيق أفضل النواتج الممكنة. وقد تؤدي المساعدات الإنمائية الخارجية للرعاية الصحية وشراكات عالمية أخرى، دورا تكميليا محفزا للموارد المحلية التي تشكل الغالبية العظمى من الاستثمارات في الصحة على المستوى القُطري.
لا يكفي الحصول على خدمات الرعاية الصحية وتيسير تكلفتها، فالرعاية الصحية يجب أيضا أن تكون عالية الجودة. أوضحت ثلاثة تقارير عالمية صدرت حديثا، منها تقرير مشترك لمجموعة البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، أن تدني جودة خدمات الرعاية الصحية يعوق التقدم نحو تحسين الصحة في البلدان على كل مستويات الدخل. وعلى سبيل المثال، فإن 10 في المائة من المرضى الذين يدخلون المستشفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، قد يُصابون بعدوى ما خلال إقامتهم، و7 في المائة في البلدان مرتفعة الدخل. ومع ذلك، تحقق بعض التقدم في تحسين الجودة - على سبيل المثال - في معدلات البقاء على قيد الحياة لمرضى السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
لقد حدثت زيادة مطردة في تواتر حالات تفشي الأمراض وتنوعها خلال الـ30 عاما الماضية، ويمكن أن تقع الأوبئة في أي مكان، لكن أحيانا تقع حالات تفشي الأمراض، وتخرج عن نطاق السيطرة في أضعف جزء في المنظومة الصحية، وهو الجزء الذي لا تصل فيه خدمات الرعاية الصحية إلى الناس. ولا يمكن وقايتنا جميعا من تفشي الأمراض والأوبئة إلا إذا تمت تغطية كل فرد بالخدمات الصحية، وهذا هو أساس التغطية الصحية الشاملة. ولهذا تُركز مجموعة البنك الدولي على مساندة البلدان في تقوية أنظمتها الصحية البيطرية والبشرية، من خلال برنامجها لتعزيز الأنظمة الإقليمية لمراقبة الأمراض، وقامت بدور رائد في تطبيق تمويل مبتكر للاستجابة السريعة للأوبئة، من خلال صندوق التمويل الطارئ لمواجهة الأوبئة.
لا يمكن تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030 باتباع نهج "العمل المعتاد". وتبنَّت البلدان الناجحة نهجا مبتكرا على نحو ساعد على إصلاح أنظمة الرعاية الصحية. وتناول تقرير مجموعة البنك الدولي المعنون بـ"الأعمال غير المعتادة"، كيف استطاعت بلدان تحسين وتيرة التقدم في هذا الصدد. فقد اتخذت رواندا شراكة مبتكرة مع القطاع الخاص تهدف - على سبيل المثال - إلى خفض الوقت المستغرق في تقديم الدم لإنقاذ الحياة، وذلك باستخدام الطائرات بلا طيار. وقد شهدت أفغانستان تحسينات كبيرة في معدلات البقاء على قيد الحياة، والتغذية للأمهات والأطفال، على الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية، وذلك بالتعاقد مع منظمات غير حكومية محلية؛ لتقديم الخدمات الصحية الأساسية. وساعد نهج التمويل المبتكر على صياغة سياسة الحكومة التركية لإصلاح قطاع الرعاية الصحية، ويعمل الآن صندوق التمويل الطارئ - وهو منصة للتمويل المبتكر بقيادة البلد المعني - في 27 بلدا بالتحفيز على إجراء استثمارات واسعة النطاق في صحة وتغذية الأمهات والأطفال.
يتطلب تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة بحلول 2030 تمكين الناس والمجتمعات ومنظمات المجتمع المدني من المشاركة الكاملة والفعالة في جهود التغطية الصحية الشاملة، ومساءلة الحكومات عن ضمان توفير رعاية صحية عالية الجودة، وميسورة التكلفة، ويسهل الحصول عليها. وينبغي أن يدرك الناس ما يحق لهم الحصول عليه من نظامهم الصحي، ويشاركوا في تصميم الرعاية الصحية التي تستجيب لاحتياجاتهم، وينشطوا في رصد الرعاية الصحية؛ حتى يمكنهم الدعوة إلى تغيير النظام عندما لا يقدم ما يعِد به. التغطية الصحية الشاملة بحلول 2030 تحرك عالمي للمؤسسات والحكومات ومنظمات المجتمع المدني؛ لبناء أنظمة أقوى للرعاية الصحية من أجل التغطية الصحية الشاملة، وتتصدر الدعوة إلى هذا التحرك مجموعة البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية؛ لضمان تحقيق هذه الغاية.

إنشرها