ثقافة وفنون

"ميا والأسد الأبيض" .. طفلة تنقذ ملك الغابة

"ميا والأسد الأبيض" .. طفلة تنقذ ملك الغابة

"ميا والأسد الأبيض" .. طفلة تنقذ ملك الغابة

في بعض الأفلام يعيش المشاهد أحاسيس ينقلها إليه الممثل بأدائه وتعابيره، فينغمس بضحكة ساحرة أو يدمع أمام ذبذبات من الحزن، ومن المتعارف عليه أن هذه التعابير تعتمد بالدرجة الأولى على الأداء والسيناريو، إلا أن بعض الأفلام غيرت تلك المعتقدات فأصبح وجود الحيوانات في بعض الأفلام مصدرا إما للضحكة وإما للدمعة، وتنوعت في الآونة الأخيرة الأفلام التي تجمع البطل مع أحد الحيوانات مثل الكلب والغوريلا، لكن أن يتم التواصل مع أسد غابة شرس ويظهر حبه وولاءه لصاحبه بطريقة مؤثرة أمر مستحدث في فيلم ميا والأسد الأبيض - Mia and the white lion.

أسد وفتاة

تدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى ميا، تلعب دورها دانيا دو فيلبيه، تبلغ من العمر 11 عاما، التقت الأسد الأبيض شارلي، الذي يشرف عليه والدها جون أوين، يلعب دوره لانغلي كيركوود، ووالدتها آليس، تلعب دورها ميلاني لوران، في مزرعتهما الخاصة في جنوب إفريقيا، تعيش ميا مع شارلي لحظات كثيرة من الفرح فيكبر في أحضانها رغم اعتراض والداها على الأمر، ويظهر المخرج الأسد شارلي بكثير من المشاهد المؤثرة، حيث يلاعب ميا ويخاف عليها ويحزن عندما تبتعد عنه، ففي وقت كان يجب عليها أن تذهب إلى المدرسة عاش شارلي لحظات عصيبة، فامتنع عن الطعام وأصبح فريسة سهلة لكل الحيوانات في المزرعة إلى أن أتت ميا، فعاد إلى حياته الطبيعية، وظهرت ملامح الفرح على وجهه.

خطر يهدد العائلة

وبدأت الحبكة تظهر رويدا رويدا عندما قرر والد ميا بيع الأسد شارلي إلى أحد المتمولين القادر على المتاجرة به والحصول على مبلغ مرتفع من زبائن أثرياء، إنه ثروة لم يحافظ عليها الوالد جون، بل سعى وراء المال غير مكترث بالخطر الذي سيلحق بالأسد من خلال بيعه، وبدأت المعارك هنا تزداد بين ميا ووالدها، ففي وقت طلب منها إقفال الباب لمنع خروجه من قفصه، قامت ميا بقفله عشوائيا ليتمكن شارلي بعد ذلك من فتح القفص والخروج منه إلى الجوار، فجن جنون الوالد وقرر بيعه فورا، حيث الزبائن في الانتظار، وباشر بسرعة إجراءات التسجيل تمهيدا للتسليم وحل مشكلة الخطر الذي يمثله على أهل المنطقة كلها.

الهروب والعودة إلى الديار

وعلى الرغم من الحبكة الجميلة للأحداث التي كتب نصها "برون دو ماستر" و"ويليام ديفيس" عن فكرة للمخرج "برونو دو ماستر" وقصة صاغها "جان بول هودسون"، إلا أن بعض الأحداث غير المنطقية خففت من ثقل فكرة الفيلم، فميا التي لم تبلغ سن الـ14 تتصرف كأنها قد تخطت الـ18 من عمرها، خاصة عندما قررت أن تهرب مع شارلي لتعيده إلى دياره وقبيلته، التي تعده رمزا وتحريره من الصيادين التجار.

استعانت ميا ببعض المال، الذي ادخره شقيقها الصغير ميك، يلعب دوره ريان ماك لينان، وغادرت لتعيد تشارلي إلى دياره، فلحق بها والدها بعدما علم أين ممكن أن تذهب ووجدها جنب البحيرة، التي توصلها إلى ديار الأسد، نصبت له كمينا وسيطرت على الوضع، وأمرت والدها الذي تعقبها بسيارته على تسليمها مفاتيح السيارة بعدما أصابته بريشة مخدرة من بندقية في فخذه وقادت السيارة وفيها تشارلي بعيدا عن المكان، إنه مشهد لا يمكن لابنة الـ14 أن تقوم به، وهنا بدت المشاهد خيالية إلى حد ما، حيث ظهرت ميا كفتاة ناضجة تقود سيارة كبيرة وتهرب من الشرطة، التي تبحث عنها مع الأسد شارلي، تقطع من أمام الشرطي وتدخل مجمعا تجاريا يفصل بين ديار الأسد وموطنها، ورغم وضوح الأمر الشرطي لم يرها، ولم يذهب للقبض عليها فجاءت تلك المشاهد خرافية إلى حد الاستخفاف بعقل المشاهد، ولكن رغم ذلك كانت مشوقة وتحمس كل من يشاهد الفيلم إذا ما كان سيتم إلقاء القبض على شارلي أم لا.

أما ميا الممثلة الفرنسية الأصل، التي شاركت عام 2017 في فيلم The Dating Game Killer وكذلك في فيلم Nul is nie niks nie أدت هذا العام دورها في فيلم ميا والأسد البيض باحترافية عالية، فقد تبكي المشاهد، حينما تحزن وتضحكه عندما تضحك وتداعب شارلي، وانغمست في تعابيرها مع الأحداث وهذا ما أعطى زخما قيما للفيلم.

في نهاية المطاف اجتازت ميا مع الأسد شارلي كل الصعاب، ورغم تدخل قوة برية وأخرى جوية بالطوافات لاستعادة الحيوان النادر والذكي، نجحت ميا في تهريب شارلي والوصول به إلى محمية القبيلة، التي تعده رمزا لقوتها ووجودها، حيث ساعدها والدها في هذه الأوقات على حمايته ومنع الشرطة من إطلاق النار عليه إلى أن تخطى في الوقت المناسب بوابة المحمية، ونفذ من قناصي البوليس الذين كانوا يتحضرون لإصابته بالريشة المخدرة، تمهيدا لاستعادته وتسليمه لمن دفع غاليا ثمن اقتنائه أو المتاجرة به.

خطر يهدد الثروة الحيوانية

ولم تكن النهاية درامية وسعيدة فقط، بل تم طرح قضية جوهرية مفادها التوعية نحو الرأفة بكثير من الحيوانات النادرة، بعدما عاث الصيادون التجار فسادا في قتلها والمتاجرة بها حية أو نافقة، وتقول المعلومات، التي ظهرت في نهاية الفيلم إنه إذا ما بقي الفلتان موجودا في الغابات الإفريقية لعصابات دولية، فإن الأسود ستنقرض من العالم خلال الـ20 عاما المقبلة.


أبطال مع الحيوانات

شهد عام 2018 أفلاما مشابهة لفيلم ميا والأسد الأبيض، أهمها كان فيلم جوراسك وورلد: سقوط المملكة الذي سلط الضوء على علاقة بين الديناصور والإنسان، التي تشبه إلى حد كبير علاقة الأسد شارلي بميا، حيث كان الديناصور يتبادل مع صاحبه المشاعر القوية، لكن يتميز هذا الفيلم عن غيره بوجود كثير من المؤثرات البصرية، التي أعطت ثقلا على تلك العلاقة، في حين أن العلاقة العاطفية بين ميا وشارلي كانت تجردية لم تدخلها أي مؤثرات تقنية، بل ارتكزت على تعابير وجه ميا وحركات الأسد شارلي.

أما الفيلم الآخر، الذي صدر هذا العام، الذي يتمحور حول الموضوع نفسه هو فيلم رامبيج، الذي جسد أيضا علاقة عاطفية قوية بين غوريلا كبيرة والممثل دوين جونسون، لكنه أيضا احتوى على كثير من المؤثرات البصرية على عكس ما حصل في فيلم ميا والأسد الأبيض. وحقق الفيلمان جوراسك وورلد: سقوط المملكة ورامبيج، إيرادات عالية، وتركوا بصمة مؤثرة في السينما لهذا العام، فهل سيحذو ميا والأسد الأبيض حذو هذين الفيلمين رغم الثغرات الموجودة؟!

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون