Author

أهمية اقتصادات الفحم لنا

|
مستشار اقتصادي

الاهتمام باقتصادات الفحم في بلد نفطي يتأرجح بين البعيد والقريب وبين المهم والأهم؛ فهو قريب للنفط في طبيعته كمصدر للطاقة الأحفورية، وبعيد؛ لأنه ليس بديلا للمملكة، ومهم؛ لأنه يذكرنا بأهمية سلسلة سوق الطاقة، وتنوعها، ودور السياسات البيئية والمناخية، والأهم أنه خط الدفاع الأول عن سوق النفط. ما زال الفحم يتحدى المشككين، طبقا لوكالة الطاقة الدولية IEA بعد سنتين من انخفاض استهلاكه، عاود الارتفاع 1 في المائة في 2017 ليصل إلى 7585 طنا متريا، لم تكتمل المعلومات عن 2018، ولكن تقدر الوكالة أن هناك استمرارا في النمو. وأعلى نمو وصل في الهند، ثم كوريا، ثم روسيا، ثم الصين، ثم إندونيسيا. وأعلى انخفاض حدث في أمريكا؛ "بسبب إنتاج الغاز الصخري"، ثم ألمانيا، ثم أوكرانيا لعامي 2016-2017، وتتوقع IEA أن يستقر الطلب حتى 2023. اللافت أن حصة الفحم من الطاقة ستنخفض من 27 إلى 25 في المائة في السنوات المقبلة، ولوحظت أهمية الفحم حتى بعد الانخفاض الحاد في تكلفة إنتاج الطاقة البديلة. الاستخدام الرئيس للفحم يتم في توليد الكهرباء، ولذلك ليس منافسا مباشرا للنفط.
نسبة النمو ستنخفض، ولكن حجم الطلب الصيني في 2023 يقدر أن يصل إلى نحو ثلاثة أضعاف حجمه في 2000، وأكثر من ثلاثة أضعافه في الهند للفترة نفسها. أكبر زيادة في الاستيراد في 2017 جاءت من الصين، ثم كوريا، وتايوان، وماليزيا، وتركيا، والفلبين، والبرازيل، والمكسيك، حتى اليابان، ولكن الحذر من نمو الطلب أثر في مستوى الاستثمارات الرأسمالية، "ربما فرصة أخرى لنمو الطلب على النفط". في أوروبا هناك انقسام، فهناك محاولة جادة في غربها للتخلص منه مقابل نمو في شرقها، خاصة بولندا واليونان ودول البلقان. هناك توجهات وأنظمة بيئية متصاعدة، ودعوات استثمارية للحد من استهلاكه أو الاستثمار فيه في الصين، ولكن ربع استهلاك العالم يتم في توليد الكهرباء في الصين. في بولندا، يولد الفحم نحو 75 في المائة من الكهرباء. تتوقع IEA أن يستمر الطلب بـ5 في المائة في الهند كما كانت منذ 1974. هناك أكثر من 800 مليون في إندونيسيا وباكستان وبنجلادش والفلبين وفيتنام يعتمدون على الفحم؛ حيث يبلغ استهلاك الكهرباء نحو 14 في المائة من مستواه في أوروبا للفرد، ما يشير إلى نمو الطلب.
بعد تقديم هذه الصورة لنحو ربع الطاقة الأساسية في العالم هناك عدة استحقاقات ذات علاقة: الأول كما ذكر خالد الفالح في كلمة سابقة، أن أنظمة الطاقة تأخذ عقودا عدة، وربما قرونا للتحول، فاستخدام الفحم بدأ بقوة مع الثورة الصناعية منتصف القرن الـ17، بينما يؤرخ التحول إلى النفط مع قرار تشرشل كوزير للبحرية باستخدام النفط بديلا للفحم كوقود للسفن في 1905. الثاني أن الاهتمام البيئي والمناخي "توجه سيستمر" ضد الوقود الأحفوري، لابد أن يركز على الفحم؛ لأنه أكثر من الغاز والنفط تلوثا بفارق كبير. الثالث المنافسة بين الفحم والغاز لتوليد الكهرباء، وقد بدأ هذا التحول في أمريكا. الرابع أن النفط سيستمر عقودا كمصدر رئيس للطاقة عدا الاستعمالات التصنيعية، ويستمر الطلب في النمو، ويحافظ على حصته من الطاقة الأساسية على الأقل. الحالة مواتية إيجابيا للمملكة، ولذلك علينا الاستمرار في تحقيق أهداف "الرؤية"، وتعظيم الفائدة من النفط كميزة تنافسية استراتيجية.

إنشرها