Author

الاتحاد الأوروبي وإيران .. علاقة مرتبكة

|


من الواضح أن الاتحاد الأوروبي يعيش حالة ارتباك بشأن الوصول إلى صيغة مقبولة لمواصلة العمل مع إيران على الصعيد الاقتصادي.
والأوروبيون يحاولون منذ إطلاق الحزمة الأعنف من العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، أن يتوصلوا إلى شكل من أشكال التعاون دون زيادة غضب الولايات المتحدة منهم.
فهذه الأخيرة طلبت علنا من بروكسل، "خصوصا البلدان الأوروبية الرئيسة"، أن توقف نهائيا تعاملاتها مع إيران، وأن تبتعد عن السياسة الغامضة بهذا الشأن، بل السياسة المرتبكة. وحاولت هذه الدول كثيرا عبر كل الوسائل المتاحة أن تصل إلى تفاهم مع الإدارة الأمريكية بالإبقاء على العلاقات الاقتصادية مع طهران، إلا أن الرد بقي على حاله، وهو عليكم أن توقفوا هذه العلاقات نهائيا.
والحق أن الشركات الأوروبية تقدمت على حكوماتها بهذا الخصوص وذلك عندما قررت الانسحاب فعلا من السوق الإيرانية، خوفا من العقوبات الأمريكية التي كلفت في السابق شركات كبرى وصغرى كثيرا من الغرامات المالية. أدى هذا إلى تباطؤ التعاون الاقتصادي مع إيران، ما دفع الأخيرة إلى إطلاق سلسلة من التهديدات الجوفاء "كالعادة"، وهي تهديدات لا تلبس أن تنتهي بانتهاء إطلاقها.
فالحكومات الأوروبية لا تزال تبحث عن الصيغة المثلى للتعاون، في الوقت الذي لا تريد أن تغضب فيه الإدارة الأمريكية التي يمكنها أن تصعد ضد الأوروبيين في أي لحظة. والواضح هنا أنها فشلت "حتى الآن على الأقل" في التوصل إلى هذه الصيغة، مع عدم تعاون حتى مؤسسات أوروبية مع حكوماتها بهذا الشأن.
ليس مهما ما قاله جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني من أن بلاده ستضطر إلى البحث مع شركائها التقليديين للعمل بدلا من الأوروبيين.
فهؤلاء الشركاء لا يمثلون قوى اقتصادية ذات قيمة مقارنة بالجانب الأوروبي، فضلا عن أن بعض هذه الجهات نفسها تخضع للعقوبات أو الرقابة الأمريكية القوية. والآلية المالية التي تسعى المفوضية الأوروبية إلى التوصل إليها من أجل التعاون مع طهران - معقدة وصعبة. لماذا؟ لأن المؤسسات المالية الأوروبية قررت بالفعل توخي الحذر بهذا الخصوص، وأعلن بعضها الانسحاب كليا من إيران خوفا من عقوبات أمريكية كبيرة ستصيبها بأضرار فادحة، ناهيك عن أن حجم التعاون مع الولايات المتحدة لا يقارن بحجمه مع إيران. تضاف إلى ذلك التجارب السابقة التي نالت فيها المؤسسات المالية الأوروبية عقوبات مالية هائلة؛ بسبب تعاونها مع جهات تابعة لإيران.
هناك مصيبة حقيقية لنظام علي خامنئي على الصعيد المالي؛ فالعقوبات الأمريكية خنقته بالفعل، حتى إنه لا يستطيع تصدير نفطه أو القيام بأي نشاطات بسبب الخنق المالي، إضافة إلى ذلك يعاني هذا النظام فقدانه القدرة على التعاون حتى مع شركات التأمين العالمية للسبب نفسه.
كل هذا يجري بينما تستعد الولايات المتحدة لمضاعفة حصارها الاقتصادي على طهران وتحركها الذي لا يتوقف للضغط على شركائها وأطراف دولية أخرى لعدم التعاطي مع النظام الإرهابي الحاكم في إيران. في الوقت نفسه، يواصل الاقتصاد الإيراني انهياره الشديد، إلى درجة أن وزير الاقتصاد والشؤون المالية أشار إلى أن هناك دراسة لحذف أربعة أصفار من العملة الوطنية؛ أي إن الانهيار ماض إلى الأمام، بينما لم تستطع طهران الوصول إلى أي تفاهم مع الاتحاد الأوروبي، الذي تعتبره الجهة الأكثر تعويضا في ظل العقوبات الأمريكية القوية الراهنة.

إنشرها