Author

ثقافة التميلح

|

أصبحنا نرى بعض الثقافات المجتمعية الهشة تتخذ منحى من القوة والصلابة لم نتوقعه، ثم مع مرور الوقت تبدأ في الرسوخ كثقافات مجتمعية يعتقد المؤمنون بها أنها تضيف إلى شخصياتهم الشيء الكثير، في حين يرى علماء الاجتماع أنها مجرد ثقافة مجتمعية هشة سرعان ما ستضمحل وتتلاشى.
من هذه الثقافات التي أصبحنا نعيشها في هذا العصر ثقافة "التميلح"، ويخلط البعض بينها وبين المباهاة، ولكنها تختلف من حيث إن المتباهي غالبا يفتخر بما يمتلك، سواء كان مالا أو منصبا أو كماليات معينة، والمباهاة منهي عنها شرعا، وتدل على وجود نقص في شخصية المتباهي الذي يقلل من شأن الآخرين باستعراض ما يفتقدونه، ولكن ثقافة "التميلح" -وفي رأيي المتواضع- أشد خطرا من المباهاة؛ لأنها ببساطة تشير إلى وجود خلل في الشخص "المتميلح" والأشخاص من حوله، الذين "يعززونه" ويدعمونه، في السابق كان "التميلح" يطلق على الشباب الذين يهمهم لفت نظر الجنس الآخر من خلال أشكالهم وأحاديثهم والمظهر المادي المزيف الذي يدعونه، سواء فخامة ملابسهم أو سياراتهم أو هواتفهم الذكية، أو سمة الثراء التي يحاولون إيهام الفتيات بها وجذبهن من خلالها، لكن في وقتنا الحاضر تشعبت ثقافة "التميلح" حتى أصبحنا نشعر بأن نسبة حموضة المعدة ترتفع حين نرى تصرفات مثل هؤلاء "المتميلحين والمتميلحات".
- تأتيك إحداهن تضع رجلا فوق الأخرى وبكل "تميلح" تتكلم 20 في المائة عربي و80 في المائة إنجليزي؛ لتبرهن على أنها مثقفة ومتعلمة وتتكلم اللغة الإنجليزية "زي البلبل"، ومن قال لك يا سيدتي إن تكسير لغتك العربية، التي شرفها الله بالقرآن الكريم، سيجعلك راقية، يقول البلجيكي جورج سارتون: "إن اللغة العربية أسهل لغات العالم وأوضحها، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل وتوضيح الواضح".
- وتأتيك أخرى لتتحدث عن إنجازاتها وأعمالها وشهاداتها ونجاحاتها التي سطرتها بماء الذهب، ما يدفعك إلى الإعجاب بشخصيتها الفذة وتاريخها العظيم، ولكن حين تنكشف الحقائق تصدمك حقيقتها المزيفة، وتكاسلها، واتكالها على غيرها في إنجاز أعمالها، لكن الأمر المحبط أن بعض هؤلاء "المتميلحات" يحصلن على كثير من الفرص الوظيفية قبل اكتشاف مدى زيفهن وعقولهن الخاوية.
- ويأتيك خاطب لابنتك "يتميلح" باحترامه المرأة، ويشعرك بكفاءته للارتباط بابنتك، وبعد الزواج تكتشف أنه "ما يسوى التالية من الغنم".
ثقافة التميلح سيخدعك صاحبها إن لم تمتلك الذكاء ومعرفة لغة الجسد لتكتشف زيف ما يقوله "المتميلح".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها