Author

هل ستصدر السعودية الغاز؟

|
مختص في شؤون الطاقة


في ظل تسارع نمو عدد السكان المطرد في العالم، نجد هناك تسارعا موازيا له في الطلب على الطاقة بشتى أنواعها. تعد الطاقة عصب المجتمعات المدنية، والركيزة الأهم للصناعة التي تنهض بها المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وغير ذلك. للطاقة أشكال كثيرة ومصادر مختلفة، فمن مصادرها ما هو متجدد كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومنها ما هو ناضب كالوقود الأحفوري، الذي يشمل النفط والفحم، والغاز موضوع مقالنا هذا. يستخرج الغاز الطبيعي "غير المصاحب" من مكامنه في باطن الأرض عن طريق حفر آباره بطريقة مماثلة لحفر آبار النفط، مع بعض الاختلاف في المعدات من حيث التصميم والمواد المستخدمة في صناعتها، وذلك نظرا لطبيعة الغاز الفيزيائية والكيماوية التي تجعل تسربه من أنابيب الإنتاج أو خزاناته خطرا لا يمكن التهاون فيه. أما "الغاز المصاحب" فيستخرج من حقول النفط؛ حيث إنه موجود في بعض المكامن النفطية بصحبة النفط. أود توضيح أن هناك نوعا من الغاز الطبيعي يسمى الغاز الصخري مشابها للنفط الصخري من حيث مكامنه وطرق استخراجه. يعد الغاز الطبيعي إحدى الثروات الطبيعية التي حبا الله بها المملكة، إضافة إلى النفط والمعادن وغيرهما. نظرا إلى النمو السكاني والصناعي المطردين في المملكة، فلا مناص من مواكبة هذا النمو بتأمين مصادر الطاقة وديمومتها على المديين المتوسط والبعيد. ولأن الغاز مصدر مهم للطاقة، كان أحد أركان "رؤية السعودية 2030". تتوجه المملكة إلى زيادة الاستثمار الداخلي والخارجي في صناعة الغاز، بل تتطلع لأن تكون أحد منتجي الغاز الصخري بحلول عام 2020؛ حيث ستستثمر مبالغ طائلة في هذا الغرض، وتهدف السعودية إلى استغلال هذه الثروة من الغاز في الاستهلاك المحلي، وفي تلبية حاجاتها المتزايدة من الطاقة، بما في ذلك توليد الكهرباء، وتحلية المياه، وغير ذلك. هذا التوجه الحكومي القوي لتطوير هذا القطاع الحيوي ليس وليد اللحظة، فقد قال علي النعيمي وزير النفط السابق عام 2014، إن السعودية ستضاعف إنتاجها من الغاز الطبيعي بحلول عام 2030. هذا ما أكده الوزير خالد الفالح في أكثر من تصريح، ونصت عليه "الرؤية" الواعدة التي أرسى قواعدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. من الأهداف المهمة والاستراتيجية لهذا التوجه تخفيض استهلاك النفط الخام في توليد الطاقة الكهربائية، وهو هدف رئيس من أهداف "الرؤية"، سيطيل عمر ثروة النفط - بإذن الله-، أضف إلى ذلك الدور المحوري والمهم للغاز الطبيعي في قطاع صناعة البتروكيماويات، الذي تراهن عليه السعودية في رؤيتها لزيادة صادراتها غير النفطية. في عام 2017، كتبت سلسلة مقالات عن الغاز، وذكرت فيها أن إنتاج الغاز سيكون للاستهلاك المحلي وليس للتصدير، لكن -ولله الحمد- سرتني المستجدات التي طرأت، التي أعزوها إلى الاكتشافات الأخيرة الضخمة للغاز؛ حيث تهدف "أرامكو" السعودية إلى أن تكون واحدة من أكبر ثلاث شركات منتجة للغاز على مستوى العالم، وأن تصدر الغاز للمرة الأولى في تاريخها بحلول عام 2030 بناء على تصريح المهندس أمين الناصر رئيس "أرامكو" السعودية وكبير الإداريين التنفيذيين فيها، فالحمد لله على نعمه التي لا تحصى ومن خير إلى خير يا وطني.

إنشرها