Author

الأمن العام وإكمال مسيرة التطوير

|


تسلم الفريق خالد بن قرار الحربي قبل أيام مسؤولية إدارة الأمن العام بالمملكة وشكل هذا التسليم تفاؤلا كبيرا للمهتمين بالشأن الأمني فالرجل عرف بالإخلاص والنشاط والتفاني خلال مسيرته العملية والمهتمون يرون أنه يمثل رجل المرحلة حاليا لقطاع الأمن العام بالمملكة، الذي يشكل منظومة قوية من الخدمات المترابطة كانت حجر الأساس في ترسيخ الأمن. وأظن أن المرحلة الحالية للمملكة تستدعي ظروفها مواجهة التحديات بالتطوير المستمر للموارد الأمنية والأنظمة القائمة. بما يضمن لنا استمرار التفوق، وسرعة الإنجاز، وتحسين الأداء. وأتمنى من الفريق الحربي أن يكون من أولوياته استكمال مشروع تطوير المراكز الأمنية الذي أعلنه سابقا لكنه لم ينفذ على أرض الواقع لأسباب غير معروفة
"مراكـــــز الشـرط" تمثــــل الـصــــورة الذهنية للأمن العام في بلادنا. وهي بحاجة ماسة إلى مشروع تطوير شامل فهي المعنية باستقبال بلاغات المواطنين والتعامل مع القضايا الأمنية بشكل يومي والتطوير التقني يمثل أولوية قصوى فهي متأخرة في استخدام التقنية ما يجعل التخاطب بين الأقسام يستغرق وقتا أطول وجهودا أكثر، رغم أهمية التبادل الإلكتروني في تسريع الإنجاز، وتحسين الأداء واختصار الجهود، وسبق لي أن استشهدت بتجربة وزارة التعليم التي استطاعت ربط 35 ألف مدرسة على مستوى المملكة بنظام إلكتروني موحد وهو "برنامج نور" الذي أسهم في إحداث نقلة فارقة الأداء بعد تطبيقه واختفت المعاملات، والمخاطبات المتكدسة، وتقلصت شبهات الفساد والنفوذ الوهمي لبعض المنتفعين بعد تطبيقه. وأجهزة الأمن لا تقل أهمية عن المدارس لربطها بنظام موحد يرصد الإنجاز اليومي ويسرع في نقل المعلومة ويسهل على المواطنين خاصة أن عدد أقسام الشرطة أقل بكثير من المدارس.
أما الأمر الآخر فهو ضرورة تحسين بيئات العمل الأمنية فهناك عشرات المراكز تعمل في مبان مستأجرة غير مخصصة للعمل الأمني ولا تتناسب مع احتياجات العمل الأمني، وهذا يتطلب برنامج إحلال سريع لبناء مقار أمنية نموذجية وفق خطة زمنية واضحة.
أما البعد الأخير من أبعاد التطوير المرتقبة فهو يتعلق بالموارد البشرية وهو الأهم في نظري، فالحاجة ماسة إلى تعزيز مهارات رجل الأمن أيا كان موقعه وهذا يتطلب الاهتمام بالتدريب المستمر وربطه بتقييم الأداء وبالحوافز والترقيات، ولا يعقل أن يستمر بعض الأفراد والضباط في مواقعهم سنوات عديدة وتتم ترقيتهم دون تطوير أنفسهم بحزمة من الدورات التي لا غنى لرجل الأمن عنها مثل الحاسب الآلي، واللغة الإنجليزية، والإسعافات الأولية، والتعامل مع الجمهور، كما تحتاج الموارد الأمنية إلى معالجة بعض الملفات المتراكمة كتأخر البت في طلبات النقل بين المدن، والشكوى من بطء الترقيات، وفي نظري أن هذين الملفين يتطلبان حركة نقل وترقيات سنوية معلنة عن طريق الأنظمة الإلكترونية بعيدا عن المحسوبيات تعطي كل ذي حق حقه، تراعى فيها الأقدمية، والظروف الأسرية وتقييم الأداء للمتقدم، ومدى تطوره وظيفيا.
إن التطوير الذي ننشده يظل مطلبا طبيعيا لاستمرار هذا الأمن العظيم الذي ننعم به، والمؤسسات التي لا تتطور تذبل وتضعف وتموت.

إنشرها