Author

الهيئات في إدارة الاقتصاد

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


تمارس الدول دورها في إدارة الاقتصاد من خلال منظومات إدارية متنوعة وتختلف منهجيات إدارة الأسواق بحسب هيكل الاقتصاد في كل بلد، الجهود الكبيرة التي نبذلها حاليا في إدارة الاقتصاد تعد نوعية، ولا سيما أن الهيئات المشرفة على الاقتصاد هي من تقود عمليات تنمية وإدارة القطاعات الاقتصادية، فمثلا هيئة الاتصالات تقود قطاع الاتصالات وتطبق التنظيمات واللوائح وتحمي مصالح المستهلكين والمستثمرين، وتزيد من جاذبية القطاع استثماريا وتحسن مؤشرات النمو في القطاع، والأمر ينطبق على جميع الهيئات الوطنية التي تشرف على القطاعات الاقتصادية المختلفة؛ استشهدت بهيئة الاتصالات بهدف توضيح وتقريب الصورة للدور الاقتصادي للهيئات.
قبل البدء في طرح أي أمر يتعلق برفع كفاءة الهيئات ودورها الجوهري في نجاح الأسواق، هناك أمور اقتصادية تعد الهيئات مسؤولة عنها اقتصاديا، لعل كفاءة الأسواق من أهم العلامات الأساسية في تحديد مسائل نضج ونجاح الهيئات في الإدارة الاقتصادية ومعالجة إخفاق الأسواق.
ثم إن اختلال نسب التوظيف في الاقتصاد مسؤولية مباشرة للهيئات المعنية بنمو القطاعات الواقعة تحت سلطتها التنظيمية، ولا يمكن أن نلقي اللوم على الهيئات بشكل منفرد؛ بقدر أهمية أن نفهم كيف يعمل الاقتصاد من خلال الهيئات؛ وكيف نوحد الجهود بين الهيئات ونوحد المهام في إدارة القطاعات من خلال المسؤولية التنظيمية والاقتصادية والدور الإشرافي ونطاق العمل التكاملي بين جميع رؤساء ومحافظي الهيئات.
فشل الأسواق بالمفهوم الواسع وتشوه الهيكل الاقتصادي وتفاوت السلوك الاقتصادي الضار بين القطاعات الاقتصادية لها آثار اقتصادية واجتماعية؛ نتيجة لضعف أداء الهيئات في الإطار العام وضعف التكامل؛ وهذا يجعل الدولة تواصل دورها في مسائل الرعاية ودفع تكاليف الرعاية في قضايا الفقر والبطالة والصحة والتعليم وعوز المهارات الفنية والمعرفية وزيادة معدلات التوظيف الحكومي وزيادة معدلات الاشتراك في الضمان الاجتماعي وغيرها من المسؤوليات المكلفة اقتصاديا، على الرغم من وجود تحذيرات من خطورة الإصلاحات قصيرة المدى على الضمان الاجتماعي.
إذا أردنا أن نسرع من تعديل الهيكل الاقتصادي علينا مراجعة عدد من الأمور، فمثلا نوحد مسمى الهيئات بحيث لا يطلق على الهيئات إلا المؤسسة الحكومية التي تؤدي دورا إشرافيا وتنظيميا واقتصاديا معا، ثم نوحد نطاق أعمال الهيئات من حيث الوظائف الاقتصادية ونوحد مؤشراتها التنموية والاقتصادية والتنظيمية بحسب كل هيئة ونشر تقاريرها للأداء سنويا.
الأمر الأخير والحاسم في الموضوع، اختيار رؤساء ومحافظين للهيئات بمواصفات رؤساء تنفيذيين من حيث الصلاحيات والمسؤوليات والمساءلة عن نجاح أو فشل القطاعات الاقتصادية، وتأسيس مجالس إدارات توجيهية فعالة وقوية وفق معايير صارمة دون أن يشغل عضو مجلس الإدارة الواحد أكثر من مقعد واحد في جميع القطاعات الاقتصادية لمنع التشتت أو تقاطع مصالح القطاعات.
وكما بدأ المقال باستشهاد يوضح دور الهيئات، أحببت أن أختم بسؤال؛ من المسؤول عن 40 ألف وظيفة صحية شاغرة لا يتوافر لها كوادر مناسبة من المواطنين؟

إنشرها