ثقافة وفنون

دفء طنطورة .. يشعل ساعة الاحتفال المطفأة منذ آلاف السنين

دفء طنطورة .. يشعل ساعة الاحتفال المطفأة منذ آلاف السنين

دفء طنطورة .. يشعل ساعة الاحتفال المطفأة منذ آلاف السنين

"عاد المساء" لم تكن أغنية للفنانة ماجدة الرومي في ألبومها الأخير 2017 بقدر ما كانت نبوءة على ما يبدو قادتها لتحيي حفلا مهيبا في شتاء طنطورة، وصفته بالأصعب والمربك رغم احترافها المسرحي المخضرم. فكلمات الأغنية التي تتمنى على الليل أن يعود مشتعلا بالضياء، وعلى الحلم أن يزهو في مرايا الياسمين. عاشت الحلم حقيقة على مسرح مرايا مهرجان طنطورة، المؤثث بعبق التاريخ والتقاء الحضارات. ليصدح صوت الرومي بأغنية "عاد المساء" وسط الحضور المميز والمتنوع كإعلان تدشين لمهرجان فني سعودي لا يقل رونقا وعراقة عما أوجدته خريطة الكرنفالات الثقافية، عربيا وعالميا.
مهرجان يشير بكثير من الاحتفاء إلى الطنطورة ساعة الشمس التي ابتكرها الأقدمون لتودع موسما وترحب بآخر يحمل بين جنباته تباشير الدفء والحصاد. هي ساعة الاحتفال إذن، المطفأة منذ آلاف السنين تعود اليوم لتشتعل ضياء وغناء وثقافة وفق رؤية حديثة لسعودية جديدة ترى في الانفتاح على القديم امتدادا للابتكار والتنويع والتجديد.
الحدود الجنوبية لحضارة الأنباط العربية الضاربة في جذور التاريخ تزين واجهة مسرح المرايا الذي عكف على إعداده المنظمون لهذه الفعالية بقيادة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة ومحافظ هيئة العلا بكثير من الذائقة الفنية والذكاء الملحوظ بيئيا. ليظهر المسرح بمراياه العاكسة، وبرونقه المعماري الفريد، امتدادا لحضارة المكان، وليس معمارا طارئا أومغاير لطبيعة الأرض والأجواء الأصلية المحيطة.
هيبة مكانية تاريخية وتنظيمية لم تسلب القديم أصالته وأضافت الكثير لحاضره فانعكس ذلك على تلقي الحضور، وقبلا على الأداء المسرحي. ما يعد بمهرجان سنوي عالمي ومساءات مختلفة من شأنها أن تكون مقصدا لمحبي الفن بكافة أشكاله وألوانه. يحفز كل ذلك طقس معتدل جميل يندر وجوده حول العالم في مثل هذه الأشهر من السنة.
وفي هذه النقطة من العالم تحديدا التي اختارها الانباط العارفون بأرضهم، لوداع عظمائهم وملوكهم، ولقاء القادمين من جنوب الأرض باتجاه الشمال، يتجدد الوعد السعودي بمساحات شاسعة من دفء السمع والاستماع، ينعشها الفن الإنساني العريق بمختلف مشاربه وأذواقه.
"الموسيقى مرايا الحضارات" قالها الحكيم كونفوشيوس منذ آلاف السنين ويعيشها رواد شتاء طنطورة جمالا مهيبا تصدح به ساعات الاحتفال ولياليه، يوما بعد الآخر، وفعالية تلو الأخرى، في تناغم فريد من نوعه بين الجغرافيا والتاريخ بين القديم والحديث. تناغم بنكهة الإنجاز تستحقه أرض السعودية الجديدة لتعبر به نحو رؤيتها الطموحة وحلمها الواعد، بتوجيه حكيمها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقيادة عراب رؤيتها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون