Author

2019 ستكون سنة صعبة لأسواق النفط العالمية

|

لقد ارتفعت أسعار النفط في الأسبوع التالي لاتفاق "أوبك" وحلفائها على خفض الإنتاج بـ 1.2 مليون برميل في اليوم اعتبارا من كانون الثاني (يناير) 2019. في هذا الجانب قالت وكالة الطاقة الدولية إن الصفقة ربما تكون قد وضعت على الأقل أرضية لأسعار النفط. ومع ذلك، من غير المرجح أن تزول التقلبات من الأسواق. هناك مجموعة من المتغيرات سيكون لها تأثير كبير في أسعار النفط مع دخولنا عام 2019، على جانبي العرض الطلب، وكلاهما تصاعدي وهبوطي بالنسبة للأسعار.
أكبر وأخطر تحد بالنسبة للإمدادات يأتي من إيران. السماحات التي أعطتها الولايات المتحدة إلى ثماني دول تشتري النفط الإيراني ستنتهي في حزيران (يونيو) 2019.عندما تجاوز سعر خام برنت 80 دولارا للبرميل مع اقتراب الموعد النهائي في تشرين الثاني ( نوفمبر)، وبخطوة غير متوقعة أعطت إدارة الرئيس الأمريكي سلسلة من السماحات لشراء النفط الإيراني بعد أن قضت معظم العام تتحدث عن مدى جديتها بشأن خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر. قد يبدو من غير المحتمل أن ترغب إدارة الرئيس الأمريكي في تكرار هذا السيناريو، مع أنه بدأ فائض في الإمدادات يظهر فجأة في الشهرين الماضيين، فإن لدى الحكومة الأمريكية مزيدا من الخيارات لاتخاذ موقف أكثر تشددا. لقد انخفض إنتاج إيران بمقدار 380 ألف برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بالشهر السابق، منخفضا إلى ما دون مستوى ثلاثة ملايين برميل يوميا. لا يزال هناك كثير من الإمدادات التي يمكن أن تتعطل، وإذا نجحت الولايات المتحدة، قد تجد منظمة أوبك وحلفاؤها أنها أنجزت كثيرا مما كانت ستقوم به في اجتماعها القادم بحلول منتصف العام.
التحدي الآخر هو ليبيا. لقد فقدت ليبيا نحو 400 ألف برميل يوميا من إنتاجها بسبب نشاط الميليشيات بعد أن نجحت في زيادة الإمدادات إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات قبل بضعة أسابيع. لقد كانت ليبيا مصدرا لعدم استقرار الإمدادات لسنوات، وعلى الرغم من أن لديها أهدافا جدية لزيادة الإنتاج في عام 2019، لكنها من المحتمل أن تفاجئ أسواق النفط بخسائر غير متوقعة.
التحدي الثالث يأتي من فنزويلا. بنهاية عام 2018 تراجع الإنتاج الفنزويلي إلى نحو مليون برميل يوميا، بانخفاض بأكثر من 600 ألف برميل يوميا منذ كانون الثاني (يناير) من العام نفسه. يمكن أن تتباطأ الخسائر في هذه المرحلة، والسبب هو لأنه بقي فقط القليل لكي تخسره. ومع ذلك، سيكون من الصعب أن تجد أحد المحللين يتوقعون أن ينتعش الإنتاج في المدى القريب أو حتى المتوسط.
عدم اليقين الآخر- النفط الصخري الأمريكي. بكل المقاييس، من المتوقع أن يواصل إنتاج النفط الصخري الأمريكي نموه الكبير. في الواقع، تجاوز منتجو النفط الصخري بشكل كبير توقعات عام 2018، متجاوزين بعض التقديرات الأولية بنحو مليون برميل في اليوم. ومن أكثر ما يلفت الانتباه أنه كان من المفترض أن يكون هناك تباطؤ في عمليات الحفر بسبب اختناقات خطوط الأنابيب. ومع ذلك، فإن التباطؤ الأخير في الأسعار، والإجهاد المالي واختناقات خطوط الأنابيب المستمرة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إبطاء النمو. لا يتوقع أحد أن ينخفض الإنتاج أو حتى يثبت عند المستويات الحالية، ولكن نظرا لأن عديدا من سيناريوهات الأسعار تؤثر في النمو الهائل في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وحتى تباطؤ النمو المعتدل قد يؤدي إلى تشدد الأسواق أكثر من المتوقع.
تخفيضات "أوبك" وحلفائها. ينبغي أن يساعد التخفيض البالغ 1.2 مليون برميل في اليوم على القضاء على جزء كبير من الفائض في الأسواق، على الرغم من أنه ربما لا ينتهي الفائض عندما تجتمع "أوبك" مرة أخرى في منتصف العام. عندها قد تضطر المنظمة إلى تمديد تخفيضات الإنتاج. لكن صياغة اتفاق للبدء كان الجزء الصعب. يمكن للمنظمة ببساطة تمديد الصفقة حتى نهاية العام لضمان عدم انخفاض الأسعار.
نقص نمو العرض. قد تعاني الأسواق من نقص في الإمدادات ما بعد 2020، حيث إن التخفيض الحاد في الإنفاق – خصوصا على المشاريع التقليدية – الذي بدأ في عام 2014 لم تستشعر به الأسواق بالكامل بعد. لقد أدى الارتفاع الكبير في إمدادات النفط الصخري إلى تعليق عديد من المشاريع التقليدية الجديدة، وبحلول عام 2020، قد يبدأ تشدد الإمدادات بالضغط على الأسواق. قد يؤدي التراجع الأخير في الأسعار إلى سنة أخرى من تراجع الإنفاق نسبيا.
التحدي الآخر المهم هو الذي ستواجه الأسواق هو الانكماش الاقتصادي. ولعل أكبر خطر على الأسعار، وواحد من أصعب المخاطر التي تواجه الأسواق هو إمكانية حدوث انكماش في الاقتصاد العالمي. لقد ألقى الاقتصاد العالمي بالفعل ظلاله على الأسواق العالمية، مع تباطؤ النمو في الصين، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي في أجزاء من أوروبا، وأزمات العملة في الأسواق الناشئة والتقلبات المالية في جميع أنحاء العالم. تشدد أسعار الفائدة يلقي بظلاله على كثير من هذه المشكلات. بدأ ناقوس الخطر يدق بالفعل. لقد كان نمو الطلب العالمي على النفط أحد أعمدة القوة بالنسبة لأسواق النفط منذ أن هبطت الأسعار، حيث تجاوز المليون برميل في اليوم في كل عام منذ عام 2012. ويتوقع عديد من المحللين أن ينمو الطلب العالمي بمعدل 1.1 مليون برميل في اليوم في عام 2019، ولكن هذا الاتجاه في خطر. الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تستمر في خفض الاقتصاد العالمي، ولكن المؤشرات المالية تومض بالفعل إشارات تحذير.
خلاصة القول إن عام 2019 سيكون عاما صعبا على الصناعة النفطية والأسواق العالمية، يحمل معه عديد من التحديات وعدم اليقين.

إنشرها