Author

ما الأثر الاقتصادي للهيئات الثلاث؟ "1"

|

في اقتصاد الدول، المحتوى المحلي هو كل شيء، هو "الوعاء" الذي تغرف منه "القيمة المضافة"، ومحصلة القيمة المضافة هو الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقيس قيمة ما يولده الاقتصاد من سلع وخدمات في عام. والمحتوى المحلي ليس فكرة جديدة، بل مرتكز يعنى بمدخلات إنتاج سلعة أو خدمة أن تكون محلية، وهذا يشمل أول ما يشمل الموارد البشرية. وبذلك فاهتمام "رؤية 2030" بالمحتوى المحلي كان إيذانا بعهد جديد فيما يتصل بزيادة الاعتماد على الموارد البشرية المواطنة، واقتصاص حصة متعاظمة لتكون من نصيبها من أي نشاط اقتصادي يمارس، وهذا ينطبق على الواردات والصادرات من سلع وخدمات، بالتدريج، بالتأكيد. وفي هذا السياق، لابد من بيان ما أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن المحتوى المحلي للتعاقدات العسكرية لن تقل عن 50 في المائة بحلول عام 2030. وزيادة المحتوى المحلي هو المرتكز لتحقيق الإحلال في الموارد البشرية، وهنا نأخذ بعين الحسبان أن سلعة لن تعد سعودية إلا بتحقيق حد أدنى من المحتوى المحلي، وإن حققت ذلك الحد فبوسعها الاستفادة من الحوافز كونها منتجا وطنيا.
وتجدر الإشارة أن عددا متزايدا من الدول أخذت أخيرا في مراجعة سياساتها فيما يتصل بالمحتوى المحلي، وقد أثر ذلك بالفعل على حركة التجارة الدولية، فمثلا يشترط للسماح لمستثمرين لتأسيس صناعة معينة أن يحقق محتوى محليا لا يقل عن 70 في المائة. وهنا، نجد أن ذلك سيضع فاصلا بين الصناعات والخدمات التي تقوم هنا لتكون موجهة للاستفادة من الموارد المحلية. وبالقطع، فإن ذلك قد يتعارض مع أسس التنافسية، أي أن ذلك قد يعني أن ما ننتجه محليا ليس الأكثر تنافسية مقارنة بما ينتج في الدول الأخرى، إذا أصررنا على تطبيق معايير المحتوى المحلي. لكن يمكن الرد على هذه النقطة، "1" إن دعم الاقتصاد المحلي من حيث التوظيف هو هدف أعلى من مجرد التهام سلع لا تولد وظائف للمواطنين. "2" إن المبرر لتحفيز صناعة معينة هو إما أن تحل محل واردات أو تنمي الصادرات، فإن لم يكن بوسعها تحقيق على الأقل أحد الأمرين من خلال المدخلات المحلية، فما أهمية القيمة المضافة التي تولدها؟! بمعنى أن إقامة هذه الصناعات هنا قد يكون عبثيا، إلا إذا كانت تقوم على استجلاب قيمة أمنية أو استراتيجية لا غنى عنها.

إنشرها