Author

إعادة إطلاق أسواقنا الداخلية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


قبل أن نفكر في إصلاح أسواقنا الداخلية علينا أن ندرك أن إدارة الأسواق الداخلية هي روح علم الاقتصاد؛ لأنها تجمع بين الاقتصاد والقانون وعلم الاجتماع والحكمة؛ فأساس نجاح الاقتصاديات حسن إدارة الأسواق الداخلية، ومنشأ التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي وعدم عدالة التوزيع وجميع المشاكل الاقتصادية تقريبا من الأسواق الداخلية، إضافة إلى أن منشأ الممارسات غير الاقتصادية، كالرشوة والفساد وتجيير التمويل إلى مجموعة مسيطرة وذات علاقات غير عادلة اقتصاديا؛ أساسها سوء إدارة الأسواق الداخلية - لن أتحدث اليوم عن حلول تلك العلل الناتجة من سوء إدارة الأسواق الداخلية، بقدر ما أوضح أهمية إدارة الأسواق الداخلية في الاقتصاد.
التاريخ الاقتصادي العالمي مليء بالتجارب والدروس التي تجعلنا ندرك أن منشأ أي نجاح اقتصادي يأتي من الأسواق الداخلية، فعندما قررت الصين أن تبني اقتصادها، انطلقت من الأسواق الداخلية، وعندما قررت أوروبا أن تنجح، وضعت معايير إدارة الأسواق الداخلية ووضعت قواعد الامتثال.
ما لم تكن الأسواق الداخلية قوية ومنظمة بما فيه الكفاية، فلن تكون قادرة على العبور إلى الأسواق الإقليمية أو العالمية عبر الصادرات، فمثلا وضعت أوروبا خططا تكميلية لحشد الأموال من خلال اتحاد أسواق رأس المال لتمويل الشركات والمحترفين في المهن والمنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ بهدف تزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بخيارات أكثر للتمويل وبتكلفة أقل، ووضعت خططا تكميلية أخرى لمنهجية عبور الشركات التي نجحت في الأسواق الداخلية إلى الأسواق التصديرية الخارجية، إضافة إلى وجود خطط أخرى لمساعدة المستثمرين الأفراد؛ لذا نجد أن جميع الجهود كانت منصبة على إدارة الأسواق الداخلية، بما في ذلك كسب ثقة المستهلكين والمصنعين والمستثمرين.
بالنظر إلى الإمكانيات الكامنة للسوق الداخلية السعودية، لا تزال غير مستغلة، ونحتاج إلى جهود مؤسسية كبيرة؛ لإعادة إطلاق الأسواق الداخلية ووضع المستهلكين والشركات الصغيرة والمتوسطة في قلب السياسات الاقتصادية عن طريق بناء استراتيجية جديدة للأسواق الداخلية ووضع استراتيجيات أخرى تكميلية تتعلق بالممكنات الاقتصادية والبشرية وإزالة جميع الحواجز التي تقف في طريق بناء قدرات سوقنا الداخلية، وبما أن الأسواق الداخلية ذات حساسية مفرطة نحو التضخم، فيجب أن تدور جميع الحلول على أساس أسعار لمنتجات وخدمات معقولة للمستهلكين، إضافة إلى إدارة سوق الطاقة الداخلية ضمن هذا الإطار، مع وضع السياسات الاحترازية اللازمة.
السؤال الملحّ، كيف نصلح الأسواق الداخلية على أساس فهم كيف تعمل الأسواق الداخلية؟ أولا: إعادة التفكير في إدارة أداء الهيئات المشرفة على الأسواق الداخلية وتغيير طريقة ارتباط الغرف التجارية بالسوق الداخلية، ثانيا: زيادة وصول الشركات والمؤسسات إلى التمويل غير المشروط بضمانات تعجيزية، ثالثا: محاربة جميع أشكال السلوك غير الاقتصادي، كالاحتكار والغش والتدليس ومنع أي سياسات متساهلة تؤدي إلى استغلال المستهلكين، رابعا: دعم الشركات الوطنية القادرة على النفاذ إلى الأسواق الخارجية - ماليا وتنظيميا، خامسا: دعم الجمعيات التعاونية التجارية والصناعية والخدمية والزراعية والاقتصاد التشاركي Sharing economy.

إنشرها