FINANCIAL TIMES

تقليص ميزانية «الفيدرالي» يجعل المستثمرين يقرعون ناقوس الخطر

تقليص ميزانية «الفيدرالي» يجعل المستثمرين يقرعون ناقوس الخطر

أسواق الأسهم، التي هبطت في الأسابيع الأخيرة بسبب النزاعات التجارية والمخاوف من تباطؤ محتمل في النمو في الولايات المتحدة، وجدت حافزا جديدا لنشاط البيع الأسبوع الماضي.
انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بعد أن قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، "إنه لا يرى أي سبب ليغير البنك المركزي خططه لتخفيض حجم ميزانيته العمومية".
كان مؤشر الأسهم المعياري قد انخفض من قبل أكثر قليلا من 1 في المائة من أعلى مستوياته خلال اليوم، في الفترة ما بين إعلان الاحتياطي الفيدرالي قراره برفع أسعار الفائدة في الساعة الثانية بعد الظهر وبدء المؤتمر الصحافي في الساعة 2.30 بعد الظهر. لاحقا، تحرك المؤشر إلى أسفل بنسبة قريبة من 1 في المائة و2 في المائة تقريبا، على نحو كان متوافقا مع جواب باول عن أسئلة حول الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي، أسهم في انخفاض إجمالي بلغ 1.5 في المائة عند إغلاق التداول. كذلك تراجعت الأسواق في آسيا وأوروبا.
لكن لماذا؟ ما علاقة قرار الاحتياطي الفيدرالي بإيقاف تجديد مخزونه من سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية MBS بأسواق الأسهم؟ ولماذا يشعر المستثمرون بقلق شديد؟
في أعقاب الأزمة المالية سعى الاحتياطي الفيدرالي إلى دعم الأسواق عن طريق شراء سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، ما جعله يمتلك مقتنيات بقيمة 4.3 تريليون دولار تقريبا فيما يعرف ببرنامج "التسهيل الكمي".
كانت الفكرة بسيطة: من خلال زيادة الطلب على هذه الأصول الأكثر أمانا، سترتفع الأسعار "وبالتالي ستنخفض أسعار الفائدة". لم يخفف هذا فقط من حدة الأوضاع المالية، من خلال المساعدة على تخفيض تكلفة الاقتراض، بل دفع المستثمرين أيضا إلى شراء الأسهم وسندات الشركات ذات المخاطر العالية من أجل الحصول على عوائد أفضل.
ومع تعافي الاقتصاد، رأى الاحتياطي الفيدرالي أن هناك حاجة أقل إلى مواصلة دعم الأسعار من خلال التمسك بهذه الأصول. وفي نهاية عام 2017 بدأ في تخفيض حجم ميزانيته العمومية تدريجيا، من خلال السماح ببيع سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية التي تحل آجالها، بدلا من استبدالها.
ومنذ ذلك الحين، انخفض حجم مقتنيات الاحتياطي الفيدرالي إلى نحو 3.9 تريليون دولار، مع تسارع وتيرة الانخفاض بمرور الوقت.
إذا كان نمو الميزانية العمومية لدى الاحتياطي الفيدرالي قد شجع المستثمرين على شراء الأسهم وسندات الشركات، ما يدعم أسعار الأصول ذات المخاطر العالية، بالتالي من الناحية النظرية، في الوقت الذي يزيد فيه الاحتياطي الفيدرالي من خفض ميزانيته العمومية، فإن العكس سيكون صحيحا وستتراجع أسعار الأسهم والسندات.
وبدلا من التسهيل الكمي، يشرع الاحتياطي الفيدرالي في "التشديد الكمي".
سوبادرا راجابا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في شركة سوسيتيه جنرال للخدمات المالية، قال "إذا كان الاحتياطي الفيدرالي يشتري سندات الخزانة، يجب على المستثمرين أن يذهبوا إلى نطاق أبعد في طيف المخاطر بحثا عن العوائد". بالتالي، إذا كان الاحتياطي الفيدرالي يفكك التسهيل الكمي، يجب أن يحدث العكس. يجب أن يكون سلبيا بالنسبة إلى الهوامش الائتمانية والأسهم".
حتى الآن كانت التأثيرات محدودة، أو على الأقل تجاوزتها محركات أكبر في السوق. من الصعب قياس تأثير تفكيك الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي في التقلبات الأخيرة في الأسهم وسندات الشركات التي كانت تعزى بكل سهولة إلى مجموعة من المخاوف التجارية، والمخاوف من تباطؤ النمو، وارتفاع أسعار الفائدة.
بحسب كريستينا هوبر، كبيرة المحللين الاستراتيجيين للسوق العالمية في "إنفيسكو"، "هذا يضخم ما كان يحدث من قبل".
وقال محللون "إن بعض التشققات ظهرت في أسواق الإقراض قصيرة الأجل التي تعمل على تسهيل مرور المعروض من الدولارات خلال النظام المالي. بعد الأزمة كان الاحتياطي الفيدرالي يشتري الأصول ويقيد المبالغ في الدفاتر لمصلحة الحسابات الاحتياطية للمصارف، ما زاد من السيولة المتاحة لنشاط الإقراض قصير الأجل. ومع انخفاض أصول الاحتياطي الفيدرالي تتراجع احتياطيات المصارف، ما يقلل من الأموال المتاحة لأشياء مثل صفقات إعادة الشراء لليلة واحدة "الريبو"، التي يتم فيها إقراض المال نقدا مقابل سندات الخزانة، أو إصدار الأوراق التجارية، بحيث يمكن للشركات من خلالها أن تقترض السيولة النقدية لفترات قصيرة".
في وقت سابق هذا الشهر، كان اللاعبون في سوق إعادة الشراء على استعداد لأن يدفعوا إلى المصارف 25 نقطة أساس أكثر مما يمكن أن يكسبوه من إيداع أموالهم لدى الاحتياطي الفيدرالي، وفقا لمعدل جمعته شركة الإيداع والتخليص Depository Trust & Clearing. وهذا أعلى معدل للهوامش منذ عام 2015، خارج نهاية شهر أو نهاية ربع - حيث كانت الضغوط التمويلية أكثر شيوعا.
لاحظ صناع السياسة في السابق عدم وجود أي تداعيات واضحة في السوق ناشئة عن تفكيك الميزانية العمومية، وردا على أسئلة يوم الأربعاء، لم يقدم باول أي إشارة إلى أن البنك المركزي كان يدرس أي تغيير في سياسته الحالية.
قال "قبل بضع سنوات، تعلمنا درسا مفاده أن الأسواق كانت سريعة التأثر بالأخبار المتعلقة بالميزانية العمومية، لذلك فكرنا بعناية في كيفية تطبيعها واعتقدنا أننا سنضعها في طور "الطيار الآلي" ونستخدم أسعار الفائدة للتكيف مع البيانات الواردة. هذا كان قرارا جيدا، على ما أعتقد. لا أعتقد أننا سنغير ذلك".
مع عدم وجود أي إشارة من باول إلى التراجع، ستتم إضافة تشديد آخر يتمثل في تفكيك الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي إلى قائمة المخاوف الخاصة بعام 2019.
قالت هوبر "كان من المقلق أن نسمع ذلك يخرج من فم الرئيس باول اليوم".
يشير بعض المستثمرين أيضا إلى أن زيادة عجز الميزانية الأمريكية تفاقم من مفعول التأثيرات. من المتوقع أن ينفد نحو 271 مليار دولار من سندات الخزانة من الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل، وبدلاً من ذلك سيشتريها مستثمرون آخرون، مقارنة بالعرض الإضافي البالغ 856 مليار دولار نتيجة لاحتياجات التمويل الحكومية الأخرى، وفقا لمحللين في "سوسيتيه جنرال". لكن بالنسبة إلى المستثمرين، هناك قليل من السيطرة على العرض الأخير، في حين إن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يساعد على تقليص الأول.
قال جين تانوزو، نائب المدير العالمي للدخل الثابت في شركة كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس "أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي ينسى الموضوع الأهم فيما يتعلق بالميزانية العمومية. إذا كنت تعتقد أن التسهيل الكمي ساعد الأسواق المالية، فلا يمكنك أن تصدق أن هذا التفكيك لن يفعل شيئا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES