Author

تنظيم العمل الخيري

|

يروي أحد القضاة أغرب قضية رفعها فاعل خير ضد جمعية خيرية طلب منها توزيع مواد غذائية على المحتاجين، وبعد فترة فوجئ فاعل الخير أن صلاحية المواد التي تبرع بها انتهت وهي لا تزال في مخازن الجمعية. طلب المتبرع أن تعيد الجمعية قيمة المواد الغذائية التي فسدت أثناء التخزين. سواء كسب الرجل القضية أم لا، يمكن أن نفكر مليا في الطائل من الدعوى بحكم أن أجر التبرع سيكون - بحول الله - قد وصل إلى الرجل، وقد يكون بعض الإثم طال مسؤولي الجمعية، خصوصا أن ما حدث لم يكن من قبيل خيانة الأمانة أو السرقة، إنما يمكن أن نعزوه غالبا لسوء الإدارة. يدفعنا ذلك إلى بحث دقيق في حال الجمعية والموقع الذي تعمل فيه. قد تكون الجمعية في موقع بعيد عن المحتاجين، أو أنها لا تدير عملياتها بالطريقة الصحيحة، أو أنها لا تملك معلومات دقيقة عن الاحتياج وربطه بالمواد التي يمكن قبولها من المتبرعين. هذا في حال اعتبرنا أن القائمين على الجمعية يبذلون جهودهم للتواصل مع المحتاجين وتحقيق التوازن - المهم - في العلاقة معهم. كما أن النظر إلى الأمر - من وجهة نظر أخرى - قد يعني أن هناك اكتفاء في المنطقة، وأنه لا بد من البحث عن مكان آخر ليكون مجالا لعمل الجمعية. المهم أننا بصدد إشكالية تنظيم ومراقبة العمل الخيري الذي يتعامل مع فئات قد لا تكون قادرة على تغيير الحال أو الشكوى باعتبار أن العمل خيري بحت وهو نشاط تطوعي في أغلبه، فالحساب عليه عادة لا يخضع لمعايير كفاءة الأداء في الموقع الذي يباشر العمل فيه. على أن هناك كثيرا من الجمعيات التي تنشر إحصائيات عن عملها والخدمات التي تقدمها والإنجازات التي تحققها، وهذا بحد ذاته يمكن من خلاله قياس أداء الجمعية، بل ويعطي الفرصة لمن يريد التبرع للتعرف على ما يمكن إنجازه ومن يمكن خدمته من أهل المنطقة التي تعمل فيها الجمعية. قد يكون ما حدث دافعا لدراسة جادة لطرق تفعيل ومراقبة وتحسين أداء الجمعيات الخيرية لتحقيق الهدف منها، وهذا أمر يحتاج إلى دعم الوزارة التي لها أثر مهم في العمل الخيري ونشاط مكوناته.

إنشرها