Author

جماليات مجتمعية

|
نعيش في عالم تسيطر فيه الأنانية و"البرود المجتمعي" الذي يعتبر غريبا على مجتمعاتنا التي أساس تركيبتها هو العاطفة الجياشة، وهي ما ميزنا على مدى قرون. تمر اليوم بالناس فلا يسلم أحد منهم، بل ويستغرب من تسلم عليه ما تفعل. ينشغل الشباب والكبار بأجهزتهم الذكية التي حولتهم إلى مجموعات من فاتحي الأفواه المركزين على شاشات لا يخرجون من عشرتها سوى بالصداع وضعف البصر والتبلد. في هذه الزحمة تأتي مشاهد بسيطة لتعيد للناس بعض عاطفتهم وحنينهم لبعضهم. تأتي أم إلى ابنها المغترب دون أن يعلم فتطارده في محله وهو يحاول الابتعاد لاعتقادها أنها امرأة أجنبية، ثم يهبط لتقبيل قدميها عندما عرفها. لفتة جميلة بدأها زملاء المغترب حين جاؤوا بأمه من اليمن للعمرة، وأدخلوها عليه فجأة. نعم هذه اللمسات التي نحتاج إليها من الأصدقاء الأوفياء والجيران النبلاء، حيث يبعثون السعادة في نفوسنا ويضمنون أن يغيروا أيامنا للأجمل، بدل النكد التي تسهم فيه كل المؤثرات من حولنا. حصل الشاب على هذه المفاجأة نتيجة العلاقة الوطيدة بينه وبين أصحابه، وهو متطلب لكل عمل بهذا الحجم فمعرفة مكان الأم وترتيب كل هذه الأمور يحتاج إلى مجهود ومعرفة وثقة متبادلة بين الأخلاء، وهو داعم لمفاجآت قادمة سعيدة يقدمها كل واحد منا لمن يحب حين يعلم ما يسعدهم ويضيء أيامهم. رجل آخر غابت زوجته مسافرة فلم يعلم كيف يصفف شعر ابنته، فبعثها إلى صالون تجميل مع ورقة يخبر فيها العاملات أن زوجته مسافرة ويحتاج إلى من يصفف شعر ابنته. الفتيات قمن بالواجب على أكمل وجه واعتنين بالفتاة الصغيرة وأعطينها هدايا عديدة، ثم أعدن المبلغ للرجل لسعادتهن بتقديم الخدمة، وهو ما أسعد الأب وجعله يعلن النبأ للناس على وسائل التواصل مع صورة لابنته بعد عودتها من الصالون. لفتات جميلة وغيرها كثير يجعلنا نسعد أن هناك من لا يزال يشعر بمن حوله ويحاول أن يسعدهم بما يملكه من قدرات ومال. هذا ما نتوقعه في مجتمع متعاطف، ونحتاج إليه من الصغار قبل الكبار. إذا لن نفقد الأمل في أهلنا ومن حولنا، المهم أن يحاول كل واحد منا أن يعمل على إسعاد من حوله بما يملكه من قدرات وإمكانات وحتى مشاعر. لعل قول النبي صلى الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة" يكون الموجه لهذا الفكر الجديد.
إنشرها