Author

قراءة في موازنة 2019

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

عند مقارنة أرقام الميزانية بحديث الوزراء في ملتقى الميزانية، يمكننا تصور الاتجاه العام للاقتصاد السعودي وآثار ذلك في الواقع الفعلي للاقتصاد من خلال منظور اقتصادي واجتماعي. سنبدأ من السياسة الخارجية للنفط، وأعتقد أن المملكة وعبر منظمة "أوبك" وبالشراكة مع المنتجين من خارج "أوبك" ستستمر في سياسة المحافظة على الأسعار وفق المعدلات الحالية مع تقديم الضمانات اللازمة للحفاظ على مصالح المنتجين وفق أسعار وكميات عادلة بما يتوافق مع نمو الطلب العالمي على الطاقة. أما على مستوى الإيرادات غير النفطية، فإن السياسات المالية الخاصة ببرامج "رؤية 2030" ستواصل عملها وفق ما تم التخطيط له عن طريق زيادة الالتزام بتنوع الإيرادات المالية عن طريق ضرائب السلع والخدمات وإيرادات الرسوم الجمركية مع انخفاض طفيف في إيراد الزكاة، وهذا يعطي مؤشرا على تغير مراكز وإيرادات بعض الشركات في الأسواق الداخلية نتيجة التغيرات الهيكلية التي تحدث في الاقتصاد الداخلي، وستضيف الأعمال الصغيرة 19 مليار ريال إلى الإيرادات العامة عن طريق بند ضرائب السلع والخدمات مع مواصلة الدولة رفع تكلفة العامل الأجنبي حتى يتوازى مع المواطن في الأجور عن طريق المقابل المالي على الوافدين. وستواصل معدلات الأجور العامة النمو، ما يعني أن التوظيف الحكومي سيستمر وفق معدلات مقاربة من الأعوام الماضية، سواء على المستوى الأفقي من خلال وظائف جديدة أو الرأسي كنتيجة لنمو أجور الموظفين. بالنظر إلى إصلاح سوق العمل والتجارة الداخلية، نجد نتائج ذلك واضحة من خلال إعادة توجيه الاستثمار إلى القطاعات الاستراتيجية في الطاقة والصناعات الاستراتيجية والأعمال التي توظف السعوديين والأعمال التي تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد، وتواصل الدولة الإنفاق على الأمن والصحة والتعليم وفق معدلات مرتفعة. لعل السؤال الذي يقلق المستثمرين هو، ما مستقبل اقتصادنا؟ خروج كثير من الأنشطة التي لا تضيف للاقتصاد قيمة لا يشكل قلقا اقتصاديا مقابل أن المشاريع التي تولد نقدا أجنبيا، مثل الصناعة، من أفضل المشاريع، ويأتي بعدها مشاريع السياحة التي توظف سعوديين، إضافة إلى الخصخصة والأعمال الصغيرة التي يعمل فيها مواطنون، والمشاريع المتخصصة التي تخدم الشركات الكبرى والحكومة. بالعودة إلى سؤال طرحه أحد رجال الأعمال في الجلسة الأولى لملتقى الميزانية، حول خلو الشقق والمحال التجارية مقابل أن الحكومة تعلن معدلات نمو، وقد أجابه الوزراء، لكن التفسير الاقتصادي الذي يشرح هذه الحالة؛ أن تلك الأنشطة ما هي إلا نشاطات هامشية ولا تضيف قيمة للاقتصاد سوى استهلاك النقد الوطني من خلال فاتورة الواردات للخارج، إضافة إلى أنها تسهم في حل بطالة الأجانب ولا توظف السعوديين، وخلوها أمر طبيعي ومتوقع عند تنفيذ سياسات إصلاح عميقة في التجارة الداخلية وسوق العمل، وأعتقد أننا نسير في الاتجاه الذي يحمي أموالنا الوطنية من حالات الانتهاز غير المشروعة، كالتستر والغش ومخالفة قوانين العمل والإقامة.
إنشرها