Author

نظام المنافسة .. والإعلام المرئي والمسموع

|

تقوم المنافسة على مبادئ أساسية، وأحد تلك المبادئ هو حرية السوق، وعدم وجود أو قلة المعوقات للمنافسة. ومن أهم تلك المعوقات ما يسمى المعوقات التنظيمية. والمعوقات التنظيمية يمكن أن تكون على شكل تراخيص ومتطلبات، تكون حائطا عاليا بحيث يصعب تجاوزه إلا من أعداد قليلة من الشركات، ما يشكل مشكلة للمنافسين المحتملين أو الراغبين في دخول السوق، وفي الوقت نفسه يعد حماية للموجودين في السوق بغض النظر عن جودة منتجاتهم أو خدماتهم. ومن أشكال المعوقات التنظيمية، وجود تشريعات من جهات مختلفة، تنظم قضية واحدة، ومن ذلك ما يتعلق بقضايا المنافسة. هذه قراءة سريعة وفي جزئيات محددة للعلاقة بين نظام المنافسة ونظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحته.
إن الهيئة العامة للمنافسة هي الهيئة المنوط بها مراقبة ومعالجة مسائل المنافسة عموما، ولكل القطاعات من دون تخصيص لقطاع معين، فهي صاحبة الاختصاص الأصلي فيما يخص المنافسة. وعندما تذكر المنافسة، فالمقصود المنافسة بمعناها الاقتصادي، فالهيئة غير معنية بأنظمة حماية المستهلك، فهذه المسألة ينبغي وضوحها. يوجد عدد من الأنظمة الأخرى التي تنظم ما يتعلق بالمنافسة، ما يزيد العبء التشريعي والإجرائي والتداخل الحكومي.
فمن أمثلة وجود تشريعات من جهات مختلفة تنظم مسائل المنافسة، نظام الإعلام المرئي والمسموع 1439هـ ولائحته التنفيذية؛ حيث جاء النظام ليقرر أنه مع مراعاة ما قضى به نظام المنافسة، فيحظر على المرخص لهم القيام بما يؤثر سلبا في السوق الداخلة في اختصاص الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وهي عبارة عامة، وقد أحيلت إلى اللائحة لتضع الضوابط. ومع أن عبارة النظام في هذه المادة عبارة عامة، إلا أن المادة تظهر منها مراعاة كبيرة لما ورد في نظام المنافسة في محاولة للمواءمة مع نظام المنافسة، لكن لم توضح بشكل دقيق فيما أريد من اللائحة وضع الضوابط فيه.
سعت اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع إلى أن تؤكد إبلاغ الهيئة العامة للمنافسة بالاندماجيات، إلا أنها طلبت إبلاغ الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وبعد الحصول على الموافقة المبدئية يتم إبلاغ الهيئة العامة للمنافسة. فنجد أن جملة من الإجراءات تتشابه مع ما يتطلبه نظام المنافسة، بل التحقق من عملية الاندماج في جوهرها ينظر إليها من زاوية المنافسة والسيطرة، وهو نسبيا ما تنظر إليه وفيه الهيئة العامة للمنافسة بموجب نظام المنافسة السعودي ولائحته؛ أي أن هذا يضيف إجراءات إضافية إلى عمليات الاندماج والاستحواذ على إجراءات الهيئة العامة للمنافسة.
كذلك المخالفات التي تتعلق بالمنافسة، عندما تقوم جهتان بالمراقبة فيها، ما قد ينتج عنه توجهان في الموضوع نفسه. علاوة على ذلك، في حال مخالفة هذه المسائل والعقوبة فيها، وقامت الجهتان بالمعاقبة على المخالفات نفسها قد ينتج عنه ازدواج في العقوبات. على الرغم من أن اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع أشارت إلى فقرة مهمة، وهي أنه يحق لها التواصل مع الهيئة العامة للمنافسة، ما يوحي بوجود تفهم لتداخل الاختصاص والحاجة إلى تضافر الجهود والتعاون في مسائل المنافسة التي يلتقي فيها نظام المنافسة ونظام الإعلام المرئي والمسموع، إلا أن هذا يبقى حقا اختياريا وضع لهيئة الإعلام المرئي والمسموع دون أن يكون إجراء تنسيقيا موحدا ملزما للجهتين. والأهم في هذه الجزئية، هو النظر في أثر هذه الإجراءات القانونية على القطاع الخاص من ناحية الازدواجية والتكلفة وزيادة الضبابية.
قد يفهم أن يأتي نظام ينظم قطاعا معينا، ويضع موافقات تخص هذا القطاع من ناحية اجتماعية، أو أي جانب من جوانب الصالح العام، أو يطلب النظام دراسة اندماج أو استحواذ لدراسته من حيث مواءمته للنظام العام، فهذا موجود له نماذج في عدة دول، لكن أن يقوم نظامان بإجراءات متشابهة أو متماثلة، وتدور حول مفهوم مشترك، وهو المنافسة، فهي مسألة قد تحتاج إلى نظر.
أختم بأن اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع أكدت مبدأ مهما يفترض أن يرتكز دورها عليه؛ لأنه قد يخرج عن صلاحيات الهيئة العامة للمنافسة، وهو أن اللائحة نصت تقريبا على التزام الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بإيجاد إطار تنظيمي واضح وشفاف، يسهم في تقليل المعوقات التنظيمية وغيرها، التي قد تعوق دخول المنافسين في نشاط الإعلام المرئي والمسموع في المملكة.

إنشرها