Author

كما تعطي .. تُعطى

|

اضطرت المذيع التلفزيوني الكبير  فهد الشايع ظروفه العائلية إلى مغادرة البلاد في صحبة أخيه المريض، الذي كان يتلقى العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 17 سنة. 
مرت سنوات العلاج ونادى الرفيق الأعلى ذلك الشقيق، ووافته المنية إلى رحمة الله تعالى، فعاد المذيع الإنسان صاحب القلب الكبير، ليقعده المرض هو الآخر ويسكنه السرير الأبيض، بينما تملأ جوانحه روح الرضا بمقدور الله، وتعلو جبينه ابتسامة؛ عهدها منه محبوه، والذين رافقوه وعملوا معه في التلفزيون السعودي.
لقد قمت بزيارته مع فريق مركز التواصل الحكومي في وزارة الإعلام، تعبيرا عن الوفاء لأحد رموز الإعلام الوطني، ومطمئنا على صحته، متمنيا له عاجل العافية، كتقدير لمسيرته الحافلة، بمناسبة احتفال إعلان الرياض عاصمة للإعلام العربي.
كان اللقاء مفعما بمشاعر الحب والوداد، تحيط به عبارات الحبور وأحاسيس الامتنان، حيث يتوافد عديد من الزوار والمحبين يوميا على الغرفة الصغيرة التي يقيم بها فهد لتلقي العلاج.
على صغرها؛ فإن تلك الغرفة تمتلئ كل يوم بقلوب تفيض محبة، وتلهج عرفانا للمذيع الجميل، ليحصد ما زرعه في زملائه ومحبيه من أعمال الخير، داعما ومساعدا ومعلما وموجها، وأخا متجردا محبا للجميع. 
وعينا في تلك الدقائق المعدودة درسا ملهما بليغا وعمليا، رأيناه في ثمرات العطاء الإنساني والتعامل الراقي مع الآخرين، وما يجنيه عمل الخير من ثمار طيبة، تطلب صاحبها أينما حل أو رحل.
ترك فهد الشايع الشاشة منذ أكثر من 20 سنة، وعلى الرغم من ذلك تكتظ غرفته يوميا بالزائرين والمحبين.
قال لنا: إن أفضل ما خرج به من عمله في الإعلام هو حب الناس. ووجه نصيحته البسيطة المؤثرة قائلا: ابذر الخير، وانشر الابتسامة، تعد إليك، فكما تدين تدان، وكما تعطي تعطى، "وتلك الأيام نداولها بين الناس"، ومن الدرر والجواهر "اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن أصبتَ أهله فهو أهله، وإن لم تُصِب أهله فأنت أهله". 
إن كل إنسان لديه من الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران وغيرهم؛ من يمكنه أن يبذر بينهم بذور العطاء، وينشر فيهم معاني الخير، وعند الشدائد التي قلما يسلم منها إنسان، حتما ستلقى حصاد ما بذرت، وجنى ما زرعت.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها