Author

البيئة المدرسية

|

مع مضي الأيام، تسير أيامنا الدراسية بنمطية بعيدة عن الإبداع والتغيير، ورغم محاولات التجديد والتغيير التي غالبا ما تواجه بحدة وتتعرض للفشل قبل أن تبدأ لعديد من المسببات، ليس أهمها عدم الرغبة في التغيير، لكن أيضا التخطيط والاستراتيجيات المستخدمة غالبا لا تناسب احتياجات ومتطلبات المرحلة. فكرة التغيير التي تأتي بهدف تغيير النظام التعليمي بالكامل بين يوم وليلة غالبا ما تصطدم بالمعوقات التي تقضي عليها. أحد أهم عناصر العملية التعليمية هي البيئة المدرسية، ويتبادر هنا السؤال عن كيفية تفعيل هذه البيئة لتحقق النتائج المأمولة للمسؤولين والمواطنين.
تزخر مدارسنا بقدرات بشرية هائلة من معلمين ومعلمات، وطلاب وطالبات. هذه القوة البشرية تعد طاقة إيجابية من أجل إحداث التغيير المطلوب في العملية التعليمية، ومن أجل الاستفادة من البيئة التعليمية المتوافرة. الموارد المادية تجد اهتماما ورعاية من الدولة، حيث اعتمد مجلس الوزراء رصد مبلغ سنوي يقارب 400 مليون ريال لمدة 28 عاما من أجل تنفيذ مسار البناء والصيانة والتحويل B.O.T ضمن مبادرة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، من أجل توفير المباني التعليمية. وسبقها أيضا الموافقة على مبادرة المدارس المستقلة في العام الماضي، المبنية على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتحويل "25" مدرسة حكومية يكون تشغيلها من قبل القطاع الخاص.
مكونات البيئة المدرسية المادية والمعنوية والاجتماعية والتشريعية والإدارية، هي حلقات مترابطة وذات أثر كبير في مسيرة التعليم في أي بلد. التركيز على تطوير بعض هذه العناصر وإهمال بعضها الآخر سيؤدي إلى فشل المنظومة في تحقيق النتائج المأمولة. وعملية إدارة التغيير Change Management التي يجب أن تستخدم لتطوير البيئة التعليمية بجميع عناصرها، يجب أن تراعي المهنية في التغيير والتطوير لتحقيق النتائج.
وهنا، يجب التأكيد أن البيئة المدرسية لا تشمل البيئة المادية فقط من مبان ومناهج وأدوات تعليمية، بل تشمل أيضا البيئة المعنوية من علوم ومعارف وخبرات قابلة للتطوير والتجديد بما يتوافق مع تطلعات ورؤى القيادة من خلال "رؤية المملكة 2030". لذلك، فالتغيير المرحلي والتغيير من خلال التطبيق على قطاعات محدودة، من المنهجيات التي يجب اتباعها، إضافة إلى إشراك الباحثين والمراكز البحثية في عملية رسم الخطط المستقبلية والرقابة على التنفيذ باستقلالية.
العملية التعليمية شريك أصيل في تحقيق «رؤية المملكة 2030»."الرؤية" التي رسمت نتائج المستقبل على مدى 15 عاما، التي ستتحقق بسواعد أبناء المؤسسة التعليمية، الذين هم نتاج للبيئة التعليمية الحالية متى كانت هذه البيئة تسير في إطار "الرؤية". لذلك، فالبيئة المدرسية في حاجة إلى خطة استراتيجية شاملة تساعد على رسم رؤى المستقبل، وإحداث التغيير المنشود، والسير في تنفيذه بخطى علمية ثابتة، وقياس نتائجه، ومعالجة انحرافاته بما يحقق الهدف الاستراتيجي من تحسين بيئة التعليم المادية والمعنوية وتفعيل مكونات العملية التعليمية لتحقيق النتائج المثمرة.

إنشرها